طلال سلمان

على الطريق المحظورات في النظام الحُرّ!

من جديد، عادوا يردون على الكلمات بالقنابل، ويقرعون الحجة باديناميت، ويستخدمون ال ت. ن. ت للتعبير عن إيمانهم بحرية الرأي!
… فترات “الحرية” في هذا البلد الأمين المتظلل في هذه النظام الفريد، تشمل في ما تشمل القنابل والمتفجرات والمسدسات المزودة بكاتم للصوات وسيارات الخطف والخاطفين وبنادق القنص والقناصة، إضافة إلى الرسائل الملغومة والطرود الناسفة والانذارات الهاتفية والتهديدات المباشرة لكل من “أدين” بالانتماء لمعسكر الأعداء من وطنيين ووحدويين وتقدميين يريدون لبنان وطناً لا شقة مفروشة!
قولك بعروبة لبنان جريمة تقرب رأسك من حبل المشنقة بتهمة “الخيانة العظمى” للصخر والبحر والشجر والنهر وغير ذلك من المفردات الجغرافية المطلقة ومعها جيف التاريخ المنسية التي يريدوننا أن نتخذها بديلاً عن وطن البشر وآمالهم وهمومهم اليومية ومصالحهم الطبقية وطموحاتهم القومية المشروعة،
فإذا “تساهل” معك النظام عبر “سلطته” الرسمية لم يتساهل المنتفعون به، من أصحاب الدكاكين الطائفية، ويجيء الرد شتائم وإهانات وإدانات وتهديدات علنية سرعان ما تتحول إلى جرائم حقيقية أبسطها “الشروع بالقتل” أو محاولة القتل الجماعي بالديناميت، كما حصل، أمس، للزميلة “المحرر” وللعاملين فيها.
وقولك بضرورة التطوير، حتى لا نقول التغيير، جريمة يعاقب عليها القانون، فإذا ما تهاون “حماة القانون” الرسميون هبت الميليشيا إلى قمع هؤلاء المهووسين ببعض الأفكار المستوردة فقطعت رؤوسهم التي تسكنها الخطيئة وقطعت ألسنتهم التي يحركها الشيطان الرجيم!
كذلك قولك بوحدة وطنية حقيقية قائمة على المصالح الفعلية للناس كبديل للتعاش الطائفي الهش القائم على توازن في الغرائز تستنتد إليه زعامات أصحاب الدكاكين الطائفية وبقايا الأقطاع السياسي وتعطيه الرساميل وتوظيفاتها مسحة خادعة من “العصرنة” والحداثة.
باختصار، فإن قائمة المحظورات والممنوعات في فيء هذا النظام الفريد تحرم “المواد” الآتي بيانها:
1 – الهوية القومية للبنان، أرضاً وشعباً، فتقفز بانتمائه من فوق كل ما هو معلوم ومعروف تاريخياً على ما هو مجهول وغير محدد وبالتالي غير مؤثر في الخاضر (والمستقبل) إلا بالتراث التجاري وحقل الخدمات الفسيح والمتنوع والمتعدد النشاطات!
2 – الهوية الاجتماعية للمواطنين. فعيد العمال يصير عبد العمل، وفيه توجه التحية إلى أرباب العمل قبل العمال، والفقراء والكادحون والمعدمون يصيرون “محرومين” دون أي ذكر “للحارمين” من هم ولمن هم ومع من هم!
3 – الهوية الوطنية للمؤسسات التي يقوم عليها نظامه الفريد، إذ تدمغ جميعها بدمغة انقسامية غير وطنية وتجعل القيادات امتيازات طائفية، بحيث تتحول المؤسسات الدستورية والتشريعية والتنفيذية والأمنية إلى إقطاعيات دينية.
… والعصا لمن عصى!
و”العصا” قد تصير قنبلة موقوتة زنتها 4 كيلوغرام من ال ت. ن. ت. الشديدة الانفجار!
على إن رواد حرية “الفرك” هؤلاء يجب أن يفهموا إن المناضليان لتحويل هذا البلد من شقة مفروشة إلى وطن حقيقي، ومن كيان يمت بصلة القربى إلى المشروع الاستعماري الشهير إلى عدو – بالانتماء القومي وبالدفاع الوطني القادر – لإسرائيل، لن يصبروا أكثر مما صبروا، ولن يستمروا في التحمل إلى ما شاء الله، وإلى الرضى بالاستشهاد بصمت وكأنه قدرهم حرصاً على الوطن العتيد،
إن هؤلاء المناضلين من أجل لبنان العربي، سيقاتلون، وقد يستشهدون ولكن في الميدان، وبعد أن يجتئوا دابر المنتفعين بالفتنة والساعين لإيقاظها بأي وسيلة.
وتحية للرفاق في “المحرر” وقد شاء “الأبطال” النسف تكريمهم فاختاروا موعداً لجريمتهم يوم الشهداء الذي جعلته “المحرر” رمزاً لها.

Exit mobile version