طلال سلمان

على الطريق المحروم محرراً…

عندما يعترف المسؤولون الكبار، وبينهم أصحاب السلطة، بافقتار الجيش إلى “التوازن الوطني”، فأين – في مؤسسات الدولة كافة – يكون ثمة توازن وطني؟
وعندما يشكو بعض من بيدهم السطلة، رسمياً على الأقل، من غياب هذا التوازن الوطني عن “المؤسسات الوطنية” فمن غيرهم جميعاً، الأموات منهم والأحيثاء، الذين هم في مراكز السلطة اليوم أو أولئك الذين غادروها بالأمس فقط وإلى حين.. من غيرهم يمكن أن يكون مسؤولاً عن هذه الخطيئة المميتة؟
الأوطان ليست، في النهاية، قصائد شعر، وليست مطلقات، وليست رومانتيكيات. الأوطان بلاد. جبال وأشجار وسنابل قمح ومطاحن وغلال وثروات طبيعية ومصالح “حقيقية” يتنازع عليها الناس وقد يقتتلون دون أن تكون المسؤولية من نصيب الشيطان!
والأوطان بشر. مطامح ومطامع وأقساط مدارس وبطون تطلب اللقمة وبيوت قليل جداً منها يملكه “الله” والباقي يملكه الملاك ويؤجرونه للذين لا يملكون وبأرقام تكاد تكون خيالية في بعض الأحيان.
وليست قسمة عادلةأن “يطوب” الوطن بما هو مصالح ومغانم ومتاجرووظائف ورئاسات وقيادات لأفراد أو فئات، ويترك للباقي (أي للشعب) الوطن بما هو رومانتيكيات وأشعار من طراز “نيال من له فيك مرقد عنزته”… فقبل العنزة يريد المواطن نفسه مرقداً غير القبر أو الرصيف أو كوخ الصفيح المشيد على أرض الغير!
وليس دليلاً على صدق الوطنية وأصالة اللبنانية أن يسكت المحرومون من وطنهم على هذا الاضطهاد العلني والمستمر، بل إنهم إن هم سكتوا أثاروا الريبة في وطنيتهم وفي سلامة عقولهم أيضاًز
كذلك ليس من الوطنية في شيء أن يرى أصحاب الامتيازات في استمرار تمتعهم بالمغانم والأرباح والمناصب شرطاً لاستمرار قبولهم بالوطن ذاته!
إذا اعترض المضطهد، المحروم، المغتصبة حقوقه اتهم في وطنيته وفي إخلاصه للميثاق والدستور والتعايش بين الطوائف وللوحدة الوطنية!
أما الحارم والمضطهد (بالكسر) والمغتصب فله الحق المطلق باتهام الآخرين في وطنيتهم باعتباره مالك الوطن والوطنية والوطنيين أيضاً، وهذا يعطيه حق “تأديب” من يعصو حتى لو استدعى التأديب نسف الوطن كله أو تحويله إلى جهنم.
الحارم حر، أما المحروم فمجرم إذا تلفظ بكلمة الحرية، فكيف بالحقوق!
لكن المحرومين والمضطهدين والمستضعفين في الأرض كانوا دائماً أبطال معركة تحرير حارميهم ومضطهديهم ومستضعفيهم.
وإذا ما ربح فقراء لبنان معركتهم المفتوحة الراهنة، فإنهم سيعيدون إلى حارميهم والمتسببين في إفقارهم اعتبارهم الوطني، إذ سيرفعونهم إلى مرتبة المواطنين في وطن حقيقي.

Exit mobile version