طلال سلمان

على الطريق الكلمة للمواجهين…

باتت المؤامرة الأميركية الجديدة لإعادة رسم خريطة المنطقة العربية وفقاً لمصالحها الإمبريالية أوضح من أن تحتاج إلى براهين وأدلة ثبوتية.
ومن المفجع أن “العزيز هنري” يستخدم في سعيه الدؤوب لتحقيق الأهداف الكاملة لهذه المؤامرة بعض نتائج حرب رمضان المجيدة، ومنها:
1 – “اكتشاف” فعالية القدرات العربية القتالية إن هي استخدمت حقاً، ولو بحدها الأدنى، ضمن خطة تكامل عسكرية.
2 – “اكتشاف” سلاح النفط كسلاح مؤثر في الاقتصاد العالمي، ومن باب أولى في السياسات العالمية.
3 – “اكتشاف” خطورة التضامن العربي إن هو تكرس كقاعدة عمل، حتى في نطاق الأنظمة المتعارضة في توجهاتها الاجتماعية.
ومن المفجع أيضاً أن بعض الحكام العرب ينفذون هذه المؤامرة الأميركية الجديدة تحت ذرائع مختلفة، ليس بينها على أي حال إسرائيل ولا الصهيونية ولا الاستعمار أو الإمبريالية.
وها هو التنسيق بين السعودية وإيران والولايات المتحدة الأميركية (ومعها الأردن طبعاً) يتصاعد حتى يكاد يبلغ مرحلة التواطؤ، مستفيداً – بالتأكيد – من السياسة المصرية الضعيفة والمستكينة إلى ضغوط الضاغطين من أجل تصفية القضية الفلسطينية والدور القيادي لمصر، بل وأي دور مصري في الحال والاستقبال.
وكيفما التفت المرء يجد الأطراف الثلاثة معاً (يتبعهم النظام الأردني):
هم معاً في مسقط وعمان، يقاتلون ضد شعبها الثائر، وايضاً ضد النظام الوطني والتقدمي في اليمن الديمقراطية، وضد أي احتمال لتطور الوضع في اليمن الشمالي بما يخدم مصالح شعبها البائس،
وهم معاً في الخليج العربي، يقاتلون ضد وحدة مشيخاته وإماراته، ويتصدون لاحتمال قيام علاقات طبيعية بين العراق والشعب العربي في الخليج،
وهم معاً في مصر، يقاتلون طموحات شعبها، وامجاد جيشها بطل العبور، ويذلونها بأحاديث المليارات والوهمية، ثم يتركون لسياستها المهام القذرة التي تحقق مصالحهم: أن تطالب مثلاً برفع حظر النفط عن أميركا، أن تقبل، باتفاق منفرد مع إسرائيل، أن تبيع الفلسطينيين للنظام الأردني، أي أن تتصرف بما يضعف تحالفها القتالي مع سوريا والمقاومة الفلسطينية.
لكن هذه “الوحدة” لا تمنع أن “ينفصلوا” مؤقتاً وتكتيكياً من أجل مزيد من الوحدة في الأهداف الاستراتيجية: وهكذا تعطى السعودية دورحصان طروادة في قلب الدول المصدرة للنفط، وتعطى إيران مهمة تطمين إسرائيل إلى أن وعودها بمساعدة مصر مرتبطة بمقدار تساهل مصر وفي قبولها بتسوية تضمن لإسرائيل الأمان الدائم! ويبقى لكيسنجر دور المنسق وقائد الأوركسترا و”الصديق العزيز” الذي يبيع أصدقاءه الجدد أوهام الانسحاب والتسوية والتعمير وفوائد تنويع السلاح!
وأخطر ما في الأمر إن المؤامرة تكاد تمر بصمت شبه مطبق،
وحتى أولئك الذين يحاولون التصدي لها يفعلون ذلك بما يشبه الخلسة، وبظروف من السرية التامة، ربما بدافع الخوف، أو الحذر، أو التشكك في نيات الآخرين،
وليس بمثل هذه الأساليب “الناعمة” تكشف المؤامرات الاستعمارية وتجهض، خصوصاً وإنها بهذا الشمول والخطورة المباشرة والسرعة في الإعداد والتنفيذ.
والأطراف المطالبة بالتحرك والتصدي والمواجهة محددة تماماً:
هي الجزائر، وليبيا في المغرب، وسوريا والعراق والمقاومة الفلسطينية في المشرق، وجمهورية اليمن الديمقراطية في الجنوب الشرقي القصي، إضافة إلى الفصائل الوطنية في سائر الأقطار العربية،
والكلمة الآن لهذه القوى مجتمعة، إن أمكن، ومنسقة لو تعذر الإجماع، ومنفردة لو تعذر التنسيق… وهذا أضعف الإيمان!

Exit mobile version