طلال سلمان

على الطريق السلام الأردني!

لو طلب إلى أي مراقب سياسي محايد أن يرتب القوى في المنطقة العربية بحسب قدرتها على التأثير على مجرى الأحداث في الظروف الراهنة، لجاءت النتيجة على الشكل التالي:
1 – الولايات المتحدة الأميركية (بكل علاقاتها التاريخية مع إسرائيل)
2 – النظام الأردني (بكل تاريخه الحافل عربياً، وفلسطينياً بالطبع)
3 – النظام السعودي (بكل علاقاته التاريخية مع أميركا والأردن)
4 – مصر وسوريا، بتأثر الدم المراق في حرب رمضان.
5 – المقاومة الفلسطينية، بزخمها الجماهيري العريض.
6 – الاتحاد السوفياتي (بعلاقاته التاريخية مع حركة التحرر العربي)
وإذا ما استثنينا الولايات المتحدة بوصفها قوة خارجية (!) ، فإن زمام الموقف بمجمله يبدو وكأنه استقر في يد النظام الأردني!
ولو طلبنا إلى المراقب ذاته أن يعلق على هذه الواقعة لأبدى دهشته البالغة، ولربما عجز عن الفهم والتفسير…
فأي عقل يمكن أن “يهضم” تحول النظام المرفوض والمحاصر جماهيرياً قبل الحرب، والمدان خلالها، إلى المنتفع الأول بنتائج الحرب وبدماء آلاف الشهداء الذين سقطوا فيها… وبينهم بالتأكيد نسبة عالية سقطت بسبب خذلانه لهم وعدم التزامه بواجبه القومي في المعركة ضد العدو الإسرائيلي؟!
وأي عقل يمكن أن يهضم أن يعامل النظام الوحيد غير المحارب (بعد لبنا،!) وكأنه هو بالذات بطل الحرب… ثم من موقع “البطولة” يفرض شروطه، أو بالأحرى تفرض الشروط لصالحه، ليس فقط على حساب من مات في الحرب، بل أيضاً على حساب الأحياء وعلى حساب الذين لم يولدوا بعد من أبناء هذه الأمة المجيدة!
فمؤتمر القمة الثلاثي معلق مصيره على موقف مصر من الأردن،
ومؤتمر القمة الرباعي، بالتالي، على كف الأردن،
وكذا مؤتمر القمة العشريني في الرباط، الذي أرجئ ريثما يتمكن الرئيس السادات من حل عقدة الأردن،
ومباحثات جنيف المطلوبة، المرغوبة، المنشودة التي نكاد نسعى إليها على أهداب جفوننا،
و”السلام العادل والدائم” بضمانة نيكسون المجددة من فورد:
وقد يضيف المراقب المحايد إلى القائمة:
السلطة الوطنية فوق أي شبر يتحرر من فلسطين،
و”نهر” المليارات من الدولارات الذي رآه البعض في الأحلام بل والأوهام أغزر من نهر النيل،
وتعمير مدن القناة والجولان وكل ما دمرته القنابل الإسرائيلية الأميركية الصنع،
وسلامة جنوب لبنان،
ومصير “العزيز هنري”،
إضافة إلى مصير العديد من الحكام العرب،
كل هذا على كف النظام الأردني، الآن… أو هكذا يريدوننا أن نصدق!
أما البديل فهو، في تقدير الرئيس السادات، الحرب الأهلية العربية،
وهو، في تقدير المراقب الحيادي، حرب عالمية ثالثة لا تبقي ولا تذر، فأعظم النار من مستصغر الشرر، على حد قول الشاعر القديم.
ويبقى أن يطالب النظام الأردني بمقعد دائم في مجلس الأمن باعتباره المسؤول الأول والأكبر عن السلام العالمي،
أما “السلام في الشرق الأوسط” فلا يستحق من النظام الأردني غير بعض اللقاءات، قرب العقبة، في سيارة ليموزين سوداء مكيفة الهواء، مع أصحاب العلاقة المباشرين!

Exit mobile version