طلال سلمان

على الطريق الربيع في كفررمان!

الأرض هي الأرض، أهلها هم الأهل، عدوها هو العدو، وجرحها هو الراية المشرعة.
يضرب العدو فتتسع الأرض ولا تضيق، ويصلب عود الأرض فلا تنحني ولا تركع، وكيف تركع وهي مهوى السجود ودمغة الإيمان على الجباه المرفوعة؟!
يوجه العدو مدافعه إلى صدر الأرض، إلى صدغ الأرض، إلى القلب والخاصرتين،
يضرب في غزة، يضرب في القدس، يضرب في نابلس والخليل والبيرة ورام الله والناصرة وكفركنه وسخنين والشجرة وأم الفحم وعربه وكفربرعم.
يضرب في صيدا، يضرب في كفررمان، يضرب في عين التينة ومشغرة وميدون،
من البر يضرب ومن البحر، من الجو يضرب ومن تحت البحر، ويهدر صدى قذائفه بعض الوقت ثم يتلاشى ويتلاشى الدخان فإذا الأرض ثابتة في مكانها لا تنحني ولا تزول، لا تتضاءل ولا تتصاغر، لا جبلها يحني هامته ولا سهلها يسكت الجدول الجاري ولا الصخر يخلي مكانه للفراغ.
… ثم إن الناس يتزايدون أبداً!
يتساقطون شهيداً أثر شهيد، فيحملون أجداث بعضهم البعض إلى التراب ثم تعود مواكبهم أعرض مما كانت وأعظم حشداً! لكأنما يتوالدون بين الذهاب وبين الإياب، لكأنما تمنحهم الأرض شيئاً من ذاتها، من ترابها، ليصيروا أكثر ويبقوا.
لا الشهداء يرحلون ولا الأرض ترحل، يعودون إليها فتبعثهم اقوى وأمنع.
“رمانك يا حبيبي يا حبيب قلبي ويا خطيبي
“رمانك ورد مفتح يا ريتو من نصيبي”
وردك فتح يا كفررمان، وفتح في أوانه تماماً، في ربيع غزة بني هاشم والجليل والناصرة ومهد الناصري في بيت لحم وقدس المسجد الأقصى والصخرة ودرب الآلام.
لم يخطئ أحد التوقيت، فالربيع ولادة جديدة للأرض وإنسانها،
وها الفصح قد أتى،
وها الصخرة تتدحرج
وها هم أعداء الحياة يكابرون ويصرخون عبر بنادقهم: لم يأت، لم يأتي، لم يأتي،
والأرض وردة محناة بدم الشهيد الذي أتى ولن يموت!

Exit mobile version