طلال سلمان

على الطريق الخائفون على فلسطين والخائفون من فلسطين

… ولأننا من الخائفين على فلسطين، فإننا نعتبر أن ما جرى لبعض آليات الجيش في الشياح، أمس، خطأ في التصرف يكشف إلى أي حد يمكن أن تشكل الفوىض خطراً جدياً على الثورة وقضيتها المقدسة، إذا لم تبادر القيادات الشعبية المسؤولة إلى وقفها بل وقمعها فوراً.
نقول هذا مع إدراكنا الكامل لطبيعة الجو النفسي السائد لدى الجماهير تجاه دور الجيش والمحاولات الحثيثة المبذولة لدمغه بالفئوية بل وبالطائفية ولتصويره عاجزاً عن أداء الواجب الوطني قادراً فقط على أداء ما عداه. فهو المكلف بتأمين الطرق الدولية، ولكنه لم يومنها يوماً، وبقي بوسع الدنكورة – أو من شابهه – أن يقطع طريق بيروت – طرابلس – سوريا – تركيا (وهي دولية كما ترى) عندما يشاء.
وكذا الأمر بالنسبة لأي “دنكورة” في الدامور مع طريق بيروت – صيدا – فلسطين،
.. ولاي “دنكورة” في الحازمية أو الجمهور أو الكحالة بالنسبة لطريق بيروت – دمشق وعليها تقع وزارة الدفاع والمدرسة الحربية وثكنة الفياضية وبعض المصالح العسكرية الأخرى.
ثم إنه المسؤول والمتعهد بفتح الطريق إلى تل الزعتر تأكيداً لفك الحصار التمويني المفروض عليه، وقد عجز، طوال أسبوع، عن فتحها وتأمينها وإيصال المؤن إلى عشرات الآلاف من المحاصرين… مع التنويه أن أكثريتهم الساحقة من المواطنين اللبنانيين وليسوا من “الغرباء” ممن أعلنت جريدة الكتائب بداية “حرب تحرير” لبنان منهم!
إننا ضد الخطأ في التصرف العفوي للجماهير في الشياح، الخائفة من لبنان – النظام ولبنان – السلطة على المقاومة الفلسطينية وعلى فلسطين.
لكننا، باملقابل، ضد هذا التصرف المقصود الذي صدر عن الجيش بعد الحادثة، وبعد تعهد المقاومة بإعادة الملالات والجنود وبعد مباشرتها فعلاً في تنفيذ تعهدها… مع أن الهجوم لم يتم بقرار من قيادة المقاومة ولا بعلمها ولا بموافقتها ولا حتى بموافقة أي مسؤول في قيادة الحركة الوطنية.
وأياً كان التبرير “السياسي” أو “النفسي” لصيغة البيان العسكري الذي صدر عن حادثة الشياح فإنه يظل خطأ، وخطأ كبيراً يضاف إلى الرصيد السلبي للجيش في نفوس الجماهير الوطنية… خصوصاً وإنه في اليوم نفسه، وعن حادثة أخرى وقعت في الحازمية، تعمد البلاغ العسكري تجهيل المتصدي للجيش بالرصاص والقتل، بل وأكثر: إيهام سامعي البلاغ الثاني أن سكان جسر الباشا (الفلسطينيين) وليس “مقاتلو” الحازمية الكتائبيون هم الذين أحرقوا آليات الجيش وقتلوا جنوده.
وإذا كان “أهالي ” الحازمية، أي قبائل النمور وميليشيا الكتائب فيها، يضربون حتى الجيش إذا ما “اشتبهوا” إنه يحمل بعض الطحين لسكان مخيم تل الزعتر وما جاوره، فماذا تنفع كل البيانات الكتائبية والشمعونية عن الإيمان بقضية فلسطين والاستعداد لبذل الغالي والرخيص في سبيلها؟!
في التعارض الواضح بين الموقفين يكمن جوهر الخلاف بين الخائفين على فلسطين والخائفين منها،
فكل أعداء الثورة، في لبنان وأربع رياح الأرض العربية، وفي العالم أجمع، هم خائفون من فلسطين، ويريدون ضرب ثورتها… بالعنف، كما بالخديعة، كما بالإغراءات الرخيصة لحرف مسيرتها،
وكل القائلين بالثورة، والطامحين إليها، والمربوط مستقبلهم الأفضل بها، هنا كما في أي مكان، خائفون على فلسطين وثورتها من لبنان الدكان، ولبنان الفندق ولبنان النظام الفاسد المفسد بكل تاريخه الحافل.
وليست مصادفةن حتى بالمنطقين المتعارضين، أن يفرض على الثورة الفلسطينية أن تعيش مثل هذه المحنة القاسية في لبنان ومعه، بينما القضية الفلسطينية تعيش لحظة انتصار سياسي كبير وتدخل مسرح الاهتمام العالمي من أوسع أبوابه…
والمهم أن يظل الخائفون على الثورة وفلسطين متنبهين بالقدر الكافي لإجهاض المؤامرات والمناورات التي يدبرها الخائفون من فلسطين، وما أكثرهم في الداخل والخارج.
والمعركة مفتوحة، في أي حال، وللحديث صلة.

Exit mobile version