طلال سلمان

على الطريق الجنوب – الوحدة

مزيداً من البديهيات:
يكون لبنان واحداً موحداً أو يفقد مبرر وجوده أصلاً فلا يكون، بصيغة أخرى.
لبنان الواحد الموحد إرادة عربية، إضافة إلى كونه قراراً وطنياً، أما انشطاره فهدف لأعداء العرب جميعاً وإسرائيل في الطليعة.
ذلك أن لبنان الواحد الموحد يعكس نزوعاً عربياً نحن العصرية والديمقراطية والعدل الاجتماعي، أما تقسيمه فعودة صريحة إلى الخطة الصهيونية – الاستمعارية التي كانت معاهدة سايكس – يبكو واحدة من محطاتها الرئيسية.
… وإسرائيل، الدولة والكيان والوجود ذاته، هي ثمرة من ثمار هذه الخطة التي كانت ولا تزال تستهدف إضعاف العرب وتفتي قوتهم عن طريق تقسيمهم وضربهم البعض بالبعض الآخر تحقيقاً لشعار “فرق تسد” الشهير.
ولأن إسرائيل هي “الابن الشرعي” لهذه الخطة الاستعمارية، فمن مصلحتها المباشرة أن تساعد على خلق دويلات وكيانات مصطنعة تشغل العرب عنها، من جهة، وتبرر لها وجودها وتعزز وتحمي هذا الوجود من جهة أخرى.
من هنا إن إسرائيل هي المقاتل الأشرس ضد وحدة لبنان… وهي تقاتل بكل الأسلحة وفي كل مكان: في مطار بيروت كما في العام 1968، وفي شارع فردان ومحلة الفاكهاني كما في العام 1973، وفي أي يبقعة استطاعت الوصول إليها في خضم أحداث العامين الماضيين، وما أكثر الفرص التي أتاحتها هذه الأحداث لأصابع التآمر الإسرائيلي ولمخططاته … هذا إضافة إلى الجنوب في البداية وفي النهاية وبين بين.
فإسرائيل ترى في قتالها ضد وحدة لبنان معركة في حربها الدائمة والمصلة ضد الإرادة العربية الموحدة وضد التوجهات الوحدوية العربية وحتى ضد الكيانات العربية القائمة.
إنها تريد أن تضرب من لبنان وفيه الوحدة الداخلية لأي قطر عربي، وهي تدرك مدى حساسية الظرف الراهن الذي يعيشه لبنان، بحيث يستولد تحركها في الجنوب مجموعة من ردود الفعل التي من شأنها عرقلة المسيرة الهادفة لإعادة توحيد لبنان.
إن رصاصة واحدة تطلق في الجنوب سيتردد صداها في بيروت وفي الشمال وفي الجبل وفي سهل البقاع…
ولسوف يتردد الصدى، أيضاً، في سوريا الشديدة القرب والوثيقة الصلة بلبنان بحيث تسمع نبضه، وتستشعر معه الخطر – كائناً ما كانت طبيعته ومصادره – باعتباره خطراً عليها في الوقت ذاته وبالقدر نفسه.
في ضوء هذه الحقائق يمكن فهم إلحاح القيادة السورية على موضوع وحدة لبنان، وتركيزها الشديد عليها ومحاربتها كل من ترى أنه يقول بالتقسيم أو يعمل له.
فالتقسيم ليس فقط إنهاء للبنان، إنه إشهار حرب على سوريا، ومن بعدها العراق والخليج والسعودية ومصر والمغرب العربي الكبير بأقطاره كافة.
وإسرائيل تتحرك في الجنوب وتنذر وتهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا ما دخلت قوات الردع العربية إلى الشريط الحدودي لأنها تريد أن تبقي الفتيل مشتعلاً وفي يدها بحيث تستخدمه لإعادة تفجير الوضع في أي لحظة.
إن إنهاء الوضع الشاذ في الجنوب هو، في جانب منه، ضرب لمشروعات التقسيم وتوطيد لوحدة لبنان…
وغني عن البيان أن الأمن لن يستتب في بيروت وسائر المناطق طالما ظل هذا الوضع الشاذ قائماً ومستمراً في الجنوب.
إن الأمن هو المدخل المنطقي لإعادة توحيد لبنان، ومن يعرقل المسيرة الأمنية في أي قرية من لبنان هو متآمر على وحدة الوطن.
لا لبنان بلا جنوب،
إن قوات الردع العربية هي جيش لبنان ولها، بداهة، كل حقوق الجيش الوطني…
ثمة وطن واحد، وعلينا جميعاً أن نحميه، وأول شروط حمايته حفظ وحدته.
… ويبقى لسوريا الدور الأساسي والحاسم في حفظ هذه الوحدة التي أكد اللبنانيون، بدمائهم، تمسكهم بها وحرصهم عليها كهدف وطني من الدرجة لاأولى.

Exit mobile version