طلال سلمان

على الطريق الجنوب – المحك

بعد ثلاثين سنة من قيام دولة إسرائيل، وبعد أربع حروب ومئات المعارك الجزئية وآلاف الاعتداءات، نرانا مضطرين –الآن – إلى التوكيد على بعض البديهيات
من هذه البديهيات أنه ليس لإسرائيل اسم آخر: إنها “العدو”.
إسرائيل هي العدو للبنان، لكل مواطن فيه ولشعبه بالكامل، للجنوب منه كما للشمال والبقاع والجبل الأشم،
وهي العدو لفلسطين، لكل فلسطيني صامد بعد في أرضه المحتلة، ولكل من اضطر إلى الخروج مطروداً بقوة السلاح ثم حمل السلاح مقاتلاً من أجل العودة،
وهي العدو لسوريا:لن تترك فرصة إلا وانتزتها لتأكيد هذا العداء ولتعميقه، بالتآمر تارة وبالقتال المكشوف طوراً، وبالحرب الحقيقة دائماً، لا فرق بين أن تكون سرية وصامتة أو معلنة.
وهي العدو لمصر، لشعبها وتاريخه الحافل، لأرضها وحضارتها الأصيلة، لسيادتها الوطنية.
وهي العدو للعراق، للكويت، للمملكة العربية السعودية، لليمنين، لإمارات الخليج العربي، انتهاء بمسقط وعمان على المحيط الهندي،
وهي هي العدو لليبيا، للسودان، لتونس، للجزائر، للمغرب، لموريتانيا المطلة على المحيط الأطلسي.
إسرائيل هي العدو،
هي العدو وبقرار منها، وبغض النظر عن سياسات الحكام العرب وأنماط الأنظمة والتوجهات السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية. فلقد قاتلتهم ولا تزال تقاتلهم ممالك وجمهوريات وإمارات.
هي العدو، قبل أن تقوم كدولة، وعندما قامت، وبعدما قامت، وإلى أن تنتهي كمقدمة لحلم إمبراطوري هو خلطة من أساطير التاريخ.
هي العدو في الحرب كمام في هدنة ما بين الحربين، في حالة العجز عن الاستمرار في القتال كما في حالة النهوض لاستخلاص الحق المغتصب،
إسرائيل هي العدو،
هي العدو في عين المفتي، كما في عين البطريرك الماروني، وفي عين الإمام كما في عين شيخ العقل،
هي العدو للشرقية كما للغربية، لبشري وزغرتا وتنورين وزحلة، تماماً كما لصور وصيدا وطرابلس وبعلبك والنبطية وبيروت وبنت جبيل،
ليس ثمة جنوب وشمال بالنسبة لإسرائيل. ثمة عدو قومي هو العرب، وثمة صراع وجود مفتوح بينها وبينهم إلى أن يتم النصر لطرف وتتم هزيمة الطرف الآخر.
واللبنانيون، في خاتمة المطاف، هم بعض العرب
إسرائيل هي العدو،
عدو لبنان سيادة وشعباً، وأرضاً وكياناً. أي عدو دولته وعدو وحدته الوطنية، وبالتأكيد عدو الطموحات المشروعة لأبنائه في تحوله إلى صاحب دور فعلي في معركة المصير العربي الواحد.
وعدو الفلسطينيين، لاجئين كانوا أم ثواراً أم حتى مهاجرين في الأميركيتين وكندا وأستراليا، وبمن فيهم صاحب المكتبة الصغيرة في باريس.
وعدو السوريين، سواء أقبعوا خلف حدودهم أم خرجوا إلى الدنيا الواسعة بطموحات أمتهم المجيدة، وسواء انصرفوا إلى التنمية أم لبوا نداء أخوانهم فبادروا لوقف المذبحة في لبنان عن طريق حماية وحدته واستقلاله وتأكيد انتمائه القومي، مع تأمين سلامة المقاومة الفلسطينية وحقها في العمل ضد العدو المشترك.

Exit mobile version