طلال سلمان

على الطريق الثورة لا ليبيا

من يسمع إذاعات عمشيت والقاهرة والخرطوم وتونس وإسرائيل ينشأ عنده تصور لحجم ليبيا وإمكاناتها، لاسيما البشرية منها، يجعلها بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية،
فإذا استمع إلى تصريحات رؤساء هذه الدول وكبار المسؤولين فيها تأكدت له صحة تصوره عن ليبيا باعتبارها من الدول الأعظم في العالم.
فحسب ادعاءات هؤلاء المسؤولين الكبار و”الأقوياء” جداً، يتبين ما يأتي:
-إن القوات الليبية قد اجتاحت لبنان ساحلاً وجبلاً، سهلاً وجرداً ، وإنها تقاتل في كل شبر منه!
-إن القوات الليبية قد اجتاحت السودان وقاتلت، إضافة إلى قوات نميري، القوات المصرية التي أقيم لها جسر جوي على وجه السرعة لصد هجمات جيوش ليبيا “المغيرة”.
-إن القوات الليبية تهدد “الأمن القومي المصري” وتحرم الرئيس أنور السادات حلاوة النوم، سواء عبر “العمليات الخاصة” أو عبر “التحشدات” العسكرية على الحدود!!
-إن القوات الليبية تجعل مصير النظام التونسي على كف عفريت وهي تهدد حضارة قرطاجة وتجسيدها الحي: نادي العراة في جربه!
… وهكذا، حيثما هناك تململ شعبي أو نقمة داخلية أو تحرك على طريق الثورة، يلجأ هؤلاء الحكام العظام، المحققو إرادة شعوبهم في الحرية والاشتراكية والوحدة، إلى اتهام ليبيا وثورتها..
والاتهام موجه، في حقيقته إلى “الثورة” وإلى “الثوار”، وطالما إن ليبيا هي يؤرتها وموقعهم، فهي إذن المسؤولة حتى لو لم تكن تدري عن الأمر شيئاً.
على إن هذا الاتهام هو أعظم تشريف لليبيا ولشعبها ولقيادتها إذ إنه يعطيها شرف تجسيد الطموح الأسمى لدى جماهير هذه الأمة من المحيط إلى الخليج وبينها بالطبع الشعب العربي في كل من مصر وتونس والسودان وسائر الأقطار،
أما لبنان فيخوض شعبه الباسل غمار الحرب لدحر الثورة المضادة، وتأمين فكرة الثورة بحماية المقاومة الفلسطينية، مهما عظمت التضحيات.
من هنا هذا التلاحم بين ثورة ليبيا والمقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية في لبنان، والذي عبر عنه قائد الثورة العربية في ليبيا العقيد معمر القذافي، كما عبر عنه في بيروت – وفي دمشق، ولاسيما في دمشق – موفد ثورة ليبيا الرائد عبد السلام جلود.
على أرض الثورة يتم التلاقي،
وخوفاً من الثورة يتم التلاقي الآخر فإذا فرنجية وشمعون والجميل هم “محامو الدفاع” عن نميري، حتى إنهم سبقوا أمراء السعودية وشيوخ الخليج إلى تهنتئه بالنجاة.. من خطر الثورة.
وهكذا فإن ليبيا – الثورة كبيرة جداً، وهائلة الامكانات فعلاً، لأنها لا تمثل إمكاناتها فحسب بل كل الطموحات الجبارة الكامنة في فؤاد هذه الأمة المجيدة،
وما أعظم هذه الطموحات وما أقدسها، وما أروع الغد الذي تعدنا به.

Exit mobile version