طلال سلمان

على الطريق التواطؤ بالصمت

لا تفسير للصمت العربي الرسمي شبه الشامل تجاه تفريط النظام المصري بالأرض العربية وبالحقوق القومية العربية، إلا بأنه نوع من التواطؤ والمشاركة في جريمة التفريط.
إن “عرب أميركا” جميعهم ضالعون في المؤامرة التي لا تستهدف فقط مصر وسوريا والحقوق المشروعة لشعب فلسطين في أرضه ومصيره، بل تستهدف الأمة العربية برمتها: أرضاَ وتاريخاً، حاضراً ومستقبلاً، واقعاً وطموحاً إلى ما يليق بإنسانها الصابر، المناضل، الطيب والنبيل.
فالتفريط يكاد يكون شاملاً: بالأرض والنفط، بالسيادة والاستقلال والكرامة الوطنية، بالأشقاء الصادقين والحلفاء الاستراتيجيين… وهكذا فإن كلا من حكامنا المنتمين إلى منظمة “عرب أميركا” فرط بما يملك – نظرياً أو عملياً – أن يفرط فيه. وإذا كان النظام المصري يحاول إيهامنا بأنه استعاد، مقابل تفريطه بالأرض، بعض النفط، فإن النظام السعودي – مثلاً – قد فرط بالنفط لأن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تصل إلى أرضه… بعد!
أكثر من هذا، لقد اختفت بعض الأصوات التي كانت تزايد في رفضها اللفظي على أشد الرافضين تطرفاً. من ذلك، مثلاً، خفوت صوت الكويت التي ثقبت آذاننا، في يوم مضى، برفضها لقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة وكل ما تفرع منها وعنها حتى وكالة غوث اللاجئين!
لقد انتهى زمن الكلام، وجاء وقت الجد، فابتلع عرب أميركا ألسنتهم ومعها كل المهيجات المعدة للاستهلاك الداخلي، وانقلبوا إلى طغاة وجلادين يطاردون الكلمات الصادقة بسيوفهم المذهبة، ويطاردون ويطردون كل “محايد” – وليس فقط المعارض – من مواقع المسؤولية حتى الهامشية منها، وهذا فقط ما يفسر “استقالة” الدكتور كمال أبو المجد من مركزه كوزير للأعلام في جمهورية السادات.
إن الصمت، بعد اليوم، جريمة تصل في خطورتها إلى حافة الخيانة،
و”الحياد” في مثل الصمت خطورة أو يزيد،
والرقعة تضيق أكثر فأكثر بحيث لم تعد تتسع لغير اثنين: المستسلم والمقاتل،
فلنرفع أصواتنا، إذن، بالدعوة للقتال ضد الاحتلال الأميركي الجديد، وضد الذين سهلوا له الوصول إلى أرضنا التي دفعنا الكثير الكثير لنحصنها ضده وضد رديفه الإسرائيلي.
إن الصامت والمحايد في موقع الشريك والمتواطئ، مهما حسنت النيات،
والمعركة قد انفتح ميدانها فسيحاً باتساع الأرض العربية كلها،
ولن يزيدها صعوبة أن ينضم إلى المفرطين بعض فرسان الجمل الثورية من المزايدين، أو بعض “المتعقلين” ممن يرون في الصمت طريق السلامة.
فالصمت هو طريق السلامة، فعلاً، ولكن للمحتل وللمفرط وللمتواطئ وليس لصاحب الحق… صاحب القضية.

Exit mobile version