طلال سلمان

على الطريق التلهف على ارتكاب الخطيئة!

مثل عانس متلهفة على تجربة مع الخطيئة، يقدم بعض المسؤولين العرب ساعاتهم تلهفاً على موعد الارتماء في أحضان “العدو” الإسرائيلي!
من ذلك هذه اللقاءات التي أجراها رئيس الغرف التجارية الإسرائيلية داني غيرمان مع وزير المال في المملكة العربية السعودية محمد ابا الخيل، ومع رجال أعمال خليجيين (في ما يدعي)، على هامش الاجتماع السنوي الثالث والعشرين للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
وزير مال أغنى ممالك الارض؟!
وماذا لدى غيرمان الإسرائيلي ينفع به مملكة الصمت الأبيض والذهب الأسود؟!
ولماذا هذا اللقاء، وبهذا التوقيت العبقري وبينما الأيدي الإسرائيلية غارقة في دماء الفتية الفلسطينيين الذين لا يريدون أكثر من الاعتراف لهم بحقوق الإنسان… بل ربما أكثر من البقاء في أرضهم ولو كشهداء؟!
… ولماذا هذا اللقاء وبينما إسحق رابين يفاخر بأنه “ضحك” على الرئيس الأميركي الجديد بيل كلينتون واستخدمه مترأساً لكي يعطل مجلس الأمن الدولي ويغتال قراره 799 القاضي بإعادة الأربعمائة مقتلع فلسطيني إلى أرضهم المحتلة، والتي – للمناسبة – لم تعلنها حكومة تل أبيب “أرضاً إسرائيلية” بعد؟!
ما هذا التبرع السخي يا راضي “الشقاء” المقهورين؟!
وفي انتظار “التوضيح” السعودي الذي سينفي ولن ينفي فلا بد من إعادة قراءة جدية للتصريحات “الرسمية” التي صدرت تكراراً وهي تؤكد أن “إعلان دمشق” حي لا يموت!
تبرع بالمال للاقتصاد الأميركي المتهالك حماية أو توطيداً لدعائم النظام العالمي الجديد،
… وتبرع ببضعة مليارات لبريطانيا التي كانت عظمى لإقالة عثرتها وتنشيط صناعاتها الحربية ومنع الذلة عنها، وهي الصديق التاريخي الصدوق،
… وتبرع بمليار (ومعه مليار آخر من الكويت ونصف مليار من الإمارات) لتركيا التي تمنعالماء، حتى الماء، عن قطرين عربيين، وتحاول إذلالهما أو فلنقل ابتزازهما، هذا مع التنويه بأن التبرع مكرس للصناعات العسكرية في تركيا، كي تصنع أسلحة تعود المملكة فتشتريها منها، تعزيزاً لقدرات هذه الدولة التي كلما صالحها العرب أظهر حكامها مزيداً من العداء وا لاحتقار لهذه الأمة!
والآن إسرائيل ومشاريع التعاون الاقتصادي في الأراضي العربية المحتلة؟!
أليس كثيراً هذا يا أبا الخيل؟!
ثم، أوليس لهذا الخيل من لجام؟!
اغتيال الربيع
في كل يوم يسقط مزيد من الورد مضرجاً بدمه فوق أمه الطاهرة: الأرض!
مع كل شمس يغتال المستعمر – المستوطن الإسرائيلي المزيد من فتية فلسطين، من أجل توكيد إخلاصه لعملية “السلام”!
لا فرق بين إسحق شامير وإسحق رابين إلا في عدد من اغتال كل منهما.
كلاهما عمل ويعمل على اغتيال الغد. اغتيال بناة السلام العتيد. اغتيال شركاء المستقبل. بل اغتيال المستقبل.
أليس هؤلاء الفتية هم المرشحون لأن يكونوا الشركاء في ظل “السلام” الآتي باسم واشنطن والعجز العربي؟!
ومن يبقى بعدهم إذا ما اقتلع أهلهم وطردوا من جنة فلسطين ثم قتلوا هم فيها؟!
هل يبقى غير السيف أرضاً للتفاهم؟!
وكيف بالدعم العربي يمكن صنع السلام الإسرائيلي؟!
لقد رفض إسحق شامير أن يلبس الوجه الأميركي.
أما إسحقرابين فقد لبسه مقابل أن تلبس الإدارة الأميركية (الجديدة؟) وجهه هو، وأن تضرب أهل فلسطين بيدها نيابة عنه، وأن ترطن بلسان عبري.
لقد باع رابين الأميركيين أوهاماً. لكن الحقائق الصلبة، كجباههؤلاء المقتلعين في مرج الزهور، او كجباه أبنائهم التيتقاوم الرصاص في غزة ونابلس وجنين ورام الله وطولكرم والقدس الشريف، كشحت تلك الأوهام وأسقطتها.
والإدارة الأميركية تبدو الآن في صورة “عبيط” استغفله الإسرائيليون وسخروه لتغطية جرائمهم.
أليس بين العرب من يتقن فن التعامل مع “العبيط”، ولو كان أقوى أهل الأرض؟!
يا هل بالأهل…
تشهد بيروت هذه الأيام تظاهرة رياضية عربية “رسمية” افتقدناها طيلة سنوات الحروب ضد الذات، سواء أفي الداخل أم على المستوى القومي.
لقد صار التلاقي بين أي عربيين (رسمياً) خبراً أو حدثاً تتناقله وكالات الأنباء وتسعى العدسات إلى تسجيله: كويتي مع عراقي (يا للعجب!!)، سوداني مع مصري (يا للهول!!) مشرقي مع مغربي (يا خفي الألطاف!!)
… هذا بينما تعبت وكالات الأنباء الدولية وعدسات التلفزيونات عابرة القارات من النقل المنتظم للقاءات مسؤولين عرب كبار (وبعضهم برتبة رئيس دولة!!) مع مسؤولين واشباه مسؤولين وأبناء مسؤولين إسرائيليين،
أهلاً بالأهل بين ظهرانينا في لبنان. لطالما افتقدناكم وأمضنا الشعور بالغربة.
والحمد لله أن قد عدتم إلينا كلاعبين، فعلاً، ورياضيين،
فعلاً، وليس كلاعبين بالنار كما الذين عرفناهم حتى الموت خلال زمن الموت الذي انقضى، والذي يشكل وجودكم بيننا اليوم علامة على أنه قد صار خلفنا.
أهلاً بأهل الدار.

Exit mobile version