طلال سلمان

على الطريق الباشا المصالح في جامعة المختلفين!

ليست جامعة عصمت عبد المجيد هي ذاتها جامعة محمود رياض، ولا هي جامعة “التونسي” الشاذلي القليبي.
والعودة إلى القاهرة باب للتماثل بين جامعة الدول العربية – نسخة 1991 – وقاهرة حسني مبارك، وهو الأقرب إلى سفه أنور السادات ووريث تركته منه إلى جمال عبد الناصر وتراث ثورته التي استقرت في موقعها من الوجدان والذاكرة والتاريخ.
فلا قاهرة اليوم هي قاهرة أيام زمان، ولو إنها بقيت كما كانت لما هاجرت أو هُجّرت منها “جامعة العرب” إلى تونس،
كذلك فلو لم يتغير “العرب” بنسبة موازية لما أنهت الجامعة “تغريبتها” عائدة إلى “بيت الطاعة” في قلب المنطقة السياحية بالقاهرة (وقد كانت من قبل مجمعاً لثكنات قوات الاحتلال البريطاني) مقابل الأسدين الرابضين على “كوبري قصر النيل”،
… وعلى الضفة المقابلة، وعند الطرف الغربي ” لكوبري الجامعة”، تقوم تلك السفارة – الطاردة، سفارة الكيان “الدخيل” بالنجمة المسدسة على رايته، وسط حراسة “رسمية” تثير من الفضول أكثر مما تثير الراية المتدلية من أعلى تلك العمارة السكنية المثقلة بما ومن تحمل.
“ده حاجة وده حاجة”… على حد ما تقول العامة في مصر، وترجمتها باللبنانية الدارجة “هيدا شي وهيدا شي”،
لكن في قاهرة اليوم “من ده وده” وهي فسيحة تتسع لكل من رغب في الإقامة أو اكتفى بالعبور، ومياه النيل غزيرة تتكفل بمسح آثار الأقدام… البيضاء.
المهم إن الجامعة قد استعادت نصابها الكامل وفي مقرها الذي يحمل شعارها المشابه لشعار الأمم المتحدة، مع إضافة نوعية بالآية القرآنية الكريمة “واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا” في صدر قاعتها العامة.
… وها هو عصمت يتسنم المقعد العالي الذي انتظر عبثاً “المعتصم”!
لم يكن عليه إلا أن يقطع الشارع بين المقر العتيق لوزارة الخارجية في “قصر السلطان حسين كامل”، والمبنى الذي تحمل اللوحة الرخامية تاريخ تشييده في عهد الرئيس جمال عبد الناصر ليكون دار لقاء ومجلس شورى وإطاراً للرباط المقدس بين العرب.
ولأن الدبلوماسي المصري العتيق لم يتعود في حياته أن يختلف مع أحد، والذي احترف المصالحات، فهو الأنسب في هذه اللحظة، لجامعة لن يكون مطلوباً منها أن تفعل غير توفير المكان للقاء و”استيعاب” المختلفين جداً وعلى الجوهري من الأمور.
والمشكلة إن الدكتور عصمت عبد المجيد لن يستطيع تجاوز هذه الخلافات أو منعها من التفجر بأسلوبه الذي يجعله يتصرف مع الجميع وكأن كلا منهم على حق. فلسوف تأتي اللحظة التي سيضطر فيها الجميع إلى طرح أسباب اختلافهم وإلى مواجهة بعضهم البعض، وعدم التسليم بكنس المشاكل لإخفائها تحت البساط.
في أي حال فلا بد من تسجيل إيجابية: إن العرب قد التأم شملهم أخيراً، بعد كل ما حدث، وبغض النظر عن ظروف هذا التلاقي ومصدر الإيعاز به.
لقد اكتمل الشكل. والأقوى هو الأقدر على استخدام الجامعة الهشة التكوين الطرية العود بحيث إن هزة واحدة قد تودي بها.
على إن وحدة اللون السائدة، وانضباط المختلفين في ظل “قيم” النظام العالمي الجديد، واصداء كلمات جيمس بيكر، الضيف شبه المقيم في القاهرة، كل ذلك قد يوفر للجامعة التي اتهمت بأنها ولدت على أيدي الإنكليز فرصة لحياة إضافية في ظل الرضا الأميركي.
لكن هذا لا يمانع أبداً من التخوف على الجامعة من أن تموت وهي على قيد الحياة.
ومبروك “لسيادة النائب” الذي سيرث ابتداء من اليوم لقب “الباشا” الذي حمله من قبله السلف الصالح من الأمناء العامين المصريين، واستثني منه التونسي اليتيم الذي لعب دور “التياس” باللهجة التونسية – وهي توازي “المحلل” باللهجة المصرية – في الفترة الفاصلة بين باشوين!

Exit mobile version