طلال سلمان

على الطريق الاتفاق المنفرد.. على لبنان

كلما نجحت إسرائيل في استفراد طرف عربي وفتحت معه بازار السلام، أطلقت طيرانها ودباباتها وصواريخها تحرق البشر والحجر، الزرع والضرع في لبنان.
ولكا أغوت إسرائيل طرفاً عربياً فحصلت على توقيعه الكريم على اتفاق صلح منفرد معه وعلى حساب أهله جميعاً، احتفل “جيش الدفاع الإسرائيلي” فأجرى مناورة بالذخيرة الحية وتمريناً عملياً في جبل عامل والبقاع الغربي، فجربوا الأسلحة الجديدة في الأهالي لإقناعهم بفوائد “السلام” ونعمه وأهمها وأخطرها الأمن والأمان والطمأنينة الشاملة!
ثم، من أجل تحصين أي اتفاق منفرد وحمايته من السقوط ومنع المشاغبة عليه، تعمد إسرائيل إلى ضرب لبنان واللبنانيين سلفاً ضربة ينخلع لها قلب القوي المتمسك بحقه، فتهدأ جبهة المعارضة والمعترضين وتطمئن إسرائيل إلى أن السلام الذي اصطنعته سيكون دائماً وشاملاً!!
وأخيراً، ففي الفترة الفاصلة بين اتفاقين منفردين، وحتى لا ينسى ضعاف الذاكرة مدى الجبروت الإسرائيلي، تتسلى المدفعية الإسرائيلية أو يقوم رجال الكوماندوس المتضجرون من البطالة بنزهة في بعض أنحاء لبنان، فيقتلون أو يخطفون أو يجرحون من صادفوه، ويدمرون بعض المنازل المنافية للذوق العام، ويحاصرون بعض القرى تأديباً لأهاليها لأنهم لم يشوا برجال المقاومة أو لم يقتلوهم بأظافرهم والأسنان!
بعد كل اعتداء قديم، وقبل أي اعتداء جديد، لا ينسى إسحق رابين وكذلك شيمون بيريز ووزير البيئة ووزير الصحة وديفيد كيمحي ويوري لوبراني أن ينتظموا في طابورمنضبط ليرددوا النشيد الممجوج: إسرائيل لا تطمع في حبة تراب واحدة ولا في نقطة مياه واحدة من أرض لبنان أو من مياهه!
أي أن الاعتداءات مجانية!!
فليس ثمة جيش يتحرك فيقصف من البر والبحر والجو فقط من باب الفن للفن!
وبرغم العداء العريق بين الإسرائيليين واللبنانيين (وسائر العرب) فإن الإسرائيليين أنفسهم لا يجدون ذرائع كافية لاستخدامها في “تبرير” اعتداءاتهم على لبنان… دولياً!
الذرائع تتصل في الغالب بعمليات وقعت أو تقع في أقصى أرجاء الأرض، الأرجنتين مرة، وبريطانيا مرة، أو حتى داخل الأرض الفلسطينية المحتلة،
.. وهي تنطلق من منطق أن لإسرائيل الحق في قتل أي كان وفيأي مكان. وليس لأهله حق الثأر أو الرد أو حتى الدفاع عن أنفسهم.
وتبقى حكاية الأطماع موضوعاً للتندر، ليس إلا،
خصوصاً وإن إسرائيل كانت ترفع الصوت بنفي الأطماع كلما نجحت في شطب قطر عربي جديد: من مصر إلى غزة – أريحا وأخيراً إلى أردن الملك حسين.
والمؤكد أن إسرائيل لا تطمع في حبة تراب أو في نقطة مياه واحدة،
إنها تريد كل شيء، وبالمطلق،
أين مصر؟! أين فلسطين؟!َ أين الأردن؟!
هل من دليل أسطع على انتفاء الأطماع الإسرائيلية في الأرض العربية، أو التي كانت عربية فجعلتها “الشرق الأوسط”، أي أنها نقلت ملكية هذه الأرض من أهلها “الأصليين” إلى من لا أطماع له في بعضها بل في كليتها، بالماء والهواء والشمس والنفط المقدس!

Exit mobile version