طلال سلمان

على الطريق الإسلام ينقلب على الحاكمين باسمه!

في الأخبار أن الملك فهد بن عبد العزيز يندّد بالتطرّف الإسلامي،
وفي الأخبار أن معظم المسؤولين السعوديين قد أعربوا لوزير الداخلية الفرنسي (!؟) عن قلقهم من تنامي “التيار الأصولي” ومن تعاظم تأثير “الحركة الإسلامية” في مملكة الذهب الأسود والصمت الأبيض.
والملك السعودي، شأنه شأن الأكثرية من الحكام العرب، ينسب “شرعية” سلطته إلى الإسلام، وقد استعار لنفسه لقب “الخليفة” العثماني الذي جعلته غربته عن “العرب” يكتفي لنفسه بصفة “خادم الحرمين الشريفين”… ثم أنه يحكم باسم حركة العودة إلى أصول الدين التي مثلتها الحركة الوهابية قبل قرنين ونيف.
لكن هؤلاء الحكام العرب، عموماً، يتبنون الإسلام شكلاً بينما هم قاتلوا على الدوام وما زالوا يقاتلون مضمونه التغييري من أجل تحقيق كرامة الإنسان.
لقد انقلب السحر على الساحر : فلطالما قمعوا واضطهدوا الناس في حرياتهم وحقوقهم وأبعدوهم عن السلطة ومواقع التأثير، باسم الإسلام… وها هم “المسلمون” يستردون منهم دينهم وينقضون عليهم ليستعيدوه مع الحكم الذي قام باسمه وبزعم تحقيق شريعته.
وفي الماضي سخر هؤلاء الحكام العرب “إسلامتهم” هذا، سياسياً، لمصلحة الغرب ضد الحركة القومية بل ضد إرادة التحرر الاجتماعي والتحرير السياسي، وعطلوا بذلك طاقات مهمة فأخرجوها من الصراع العربي – الإسرائيلي، وكأنهم أضافوها إلى رصيد “العدو”.
اليوم، يظهر السعوديون تخوّفهم من الابتزاز الأميركي المستمر، الذي بلغ ذروته مع “عاصفة الصحراء”، وهو ابتزاز علني يكلفهم – الآن – ما يقارب المليار دولار في الشهر ، يدفعونها بالاشتراك مع الكويتيين، لقاء حماية وهمية من خطر غير قائم.
كذلك يظهر السعوديون الآن، ومعهم بعض الحاكم العرب الآخرين، تخوفاً من الاجتياح الإسرائيلي المحتمل والذي لا طاقة لهم برده، إذا ما أجبروه على فتح الباب أمامه باسم “السلام”.
إنهم يدفعون الآن الضريبة ثلاثية: فالإسلام الذي خرجوا عنه يطاردهم في بيوتهم، والغرب الذي احتموا به وانتسبوا إليه ليخرجوا عن أهلهم، يكبدهم ثمن الحماية الموهومة غالياً، من دون أن يقطع مع ورثتهم المحتملين من “الإسلاميين”، وإسرائيل التي هادنوها من قبل الصلح وافترضوها “حليفاً” طالما هي تقاتل خصومهم من التغييريين العرب، تزحف إليهم متسببة بخلخلة الركائز والقيود التي اصطنعوها ليجمدوا حركة الحياة داخل مجتمعاتهم.
تغيّر أو تتغيّر. هكذا كان الشعار دائماً وهو كذلك اليوم… ومن أسف أن وجهة التغيير اليوم لن تصب لا في مصلحة العرب ولا الإسلام ولا المسلمين. لكن الذين حكموا باسم الإسلام هو المسؤولون أولاً وأخيراً.

Exit mobile version