طلال سلمان

على الطريق الأنظمة وإسرائيل الثانية!

تتعاطى الأنظمة العربية عموماً، والنظام السوري على وجه الخصوص، مع “المسألة اللبنانية” بكفاءة سياسية عالية قل مثيلها وعز نظيرها،
ولسوف تستطيع هذه الأنظمة، والنظام السوري تحديداً، أن ترفع عقيرتها، قريباً، مباهية بأنها نجحت في إقامة إسرائيل جديدة بالسرعة القصوى، ضاربة بذلك الرقم القياسي الذي حققه الغرب الاستعماري في إقامة إسرائيل الأولى العام 1947.
سيهتف أصحاب الجلالة والسمو الملكي والسمو الأميري وأصحاب العظمة السلاطين وشيوخ النفط الميامين، وكذلك أصحاب السيادة والفخامة من رؤساء جمهوريات ديمقراطية واشتراكية أو وطنية (حاف) ، سيهتفون كلهم بنبرة الفخر والعزة: بفلوسنا وسيوفنا وعبقريتنا السياسية وحكمتنا وأصالة حلفائنا الكبار، بنينا هذه الدولة الفتية والجميلة!
لن يقولوا، علناً على الأقل:… وبدماء شعبي لبنان وفلسطين العربيين بنيناها، وبطموحات الآمة كلها إلى غدها الأفضل، غد التحرر من الاستعمار والإمبريالية والصهيونية والرجعية بكل رموزها من أصحاب الألقاب المجللة والمسيدة والمفخمة الواردة أعلاه.
ولن يقولوا طبعاً: إسرائيل أحب إلينا وأخف على قلوبنا وأقرب إلى نفوسنا من الثورة والثوار، هؤلاء الملتحين أصحاب النظرات الثاقبة والشكوك الكثيرة والأسئلة الكبيرة، المستهينين بالموت لأنهم أعداء الحياة… وهل ثمة ما هو أجمل وأبهى وأمتع وألذ وأشهى من الحياة (تذكروا باريس ونيس ومونت كارلو ولاس فيغاس وجنيف والبحيرة وشواطئ الإسكندرية وبلودان والزبداني وكازينو لبنان، أعاد الله علينا أيامه البهيجة)؟!
لن يقولوا لأنهم أهل فعل لا أهل حكي، وهكذا فإن إنجازهم يتحدث نيابة عنهم: لقد أقاموا في خلال سنتين، أو أقل، إسرائيل ثانية تبز الأولى التي استغرق إنشاؤها أكثر من خمسين سنة، برغم أن العالم كله شارك في هذا الإنشاء!!
بفلوسهم وبسيوفهم أقاموها،
بالريالات والدنانير والدولارات الأميركية والدولارات النفطية (بترودولار) أقاموها،
وبالدبابات السوفياتية والصواريخ الكورية (الشمالية) والرشاشات البولونية والبلغارية، أقاموها،
فهم محنكون: إذ هكذا يوهمون الناس إن كل العالم موافق، بل ومبارك لجهدهم في إقامة غسرائيل الجديدة “في ظل الوفاق الدولي وكنتيجة له”!
على إن الإسرائيليين الجدد يفضحون حنكة الأنظمة العربية جميعاً ويعرونها، فيقولون وبلسان “حراس الأرز” ما نصه حرفياً:
“… وما كنا نقوله ونردده بأن إسرائيل ليست عدوة للبنان، فلن تكون إسرائيل بعد اليوم العدوة المشتركة للاعرب، بل ستكون الصديق المشترك للبنانيين، نمد لها اليد، يداً نظيفةن لم توسخا العمالة ولا الخيانة ولا الجبانة”!!
ويبدو إنهم باسم تلك الأنظمة وبمباركتها، يمدون اليد،
وهكذا يتم نصر الأنظمة العربية على إسرائيل، إذ تخلق لها “آفة من جنسها” بمال النفط العربي وبالدبابات المخصصة لتحرير الجولان… ولا نقول فلسطين، حياء.

Exit mobile version