طلال سلمان

على الطريق الأمير الأسمر في البيت الأبيض!

بعد ثلاثة عشر شهراً من تسلم بيل كلينتون رئاسة الولايات المتحدة الأميركية استطاع بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود أن يشتري مقعداً في مجلسه الخاص بمبلغ بخس لم يتجاوز ستة آلاف مليون دولار.
كان بندر بن سلطان “الأمير المدلل” في بلاط جورج بوش،
ولقد استطاع القرش الأبيض أن يحل عقدة اللون في بشرة “الأمير الأسمر” فتح التغاضي عن اللون واكتفي بالنسب الملكي.
ومن خلال موقعه ذاك استطاع بندر أن يلعب دوراً تاريخياً في التحريض على أمته، حتى بدا وكأنه بين فرسان “عاصفة الصحراء” الميامين.
كان تحت تصرفه، في ما تقول تقارير الشائعات وأسماء رجال المخابرات، ما يزيد قليلاً عن ألف مليون دولار، أنفقها جميعاً في البر وأعمال ا لخير حتى اطمأن إلى أن جيوش التحالف الدولي وأساطيله قد تولت حماية البيت الحرام، و”حررت” مملكة الذهب الأسود والصمت الأبيض من مشاعر القلق والخوف على العرش،
وبرغم كفاءته العالية فقد تورط بندر بن سلطان، أو أنه انساق مع مصالحه في عمولات الصفقات المجزية، فلعب ورقة الحصان الخاسر في الانتخابات الرئاسية الأميركية، واندفع يقاتل ضد كلينتون بما ملكت يمينه.
أمس، جاءت الأخبار ولله الحمد، تفيد بانقشاع الغمة، وعودة المياه إلى مجاريها بين ممثل مملكة الذهب الأسود وسيد البيت الأبيض.
بحفنة من الدولارات عاد “الولد المدلل” في العهد المباد ولداً مدللاً في العهد القائم، فمن ضحى بقرشه حفظ مكانته.
والرشوة التي قدمها بندر تتمثل في عقد لشراء خمسين طائرة ركاب من شركتي “بوينغ” و”مادونيل دوغلاس”، “بما يكفل توفير فرص عمل لآلاف من العاطلين عن العمل من أولئك الذين ينتجون منتجات متفوقة” كما قال سموه عن العمال الأميركيين!!
سخيف من يتساءل إن كانت المملكة بحاجة فعلاً إلى هذه الطائرات الجديدة، وهي التي تملك أهم أسطول جوي في النصف الشرقي من الكرة الأرضية.
وأسخف منه من يطرح موضوع العجز في الموازنة السعودية فالمملكة “قد اتخذت الخطوات الملائمة، وهي خفض الميزانية خفضاً عاماً تبلغ نسبته اثنين في المائة ويسري على جميع بنودها وعلى جميع مرافقها، وهذا عمل مسؤول جداً” كما وصفه وزير التجارة الأميركي براون.
أما الأسخف من الجميع فهو ذاك الذي قد يتساءل، بعد، عن سبب امتناع السعودية عن المساعدة في إعادة إعمار لبنان، أو عن حجبها أي عون عن المجاهدين من أبطال الانتفاضة في فلسطين المحتلة، أو…
بندر بن سلطان لشراء الرضا في البيت الأبيض، بأغلى ثمن في التاريخ.
وبعض المستثمرين لشراء قلب بيروت بأبخس ثمن في التاريخ..
أما فلسطين فلها الله واتفاق غزة – أريحا وملاحقه الأميه، وبعد التوقيع لا قبله يمكن لياسر عرفات أن يطالب بالخمسية وثمانين مليون دولار المخصصة، نظرياً، لمنظمة التحرير، والتي أوقفت عملياً ضماناً إضافياً للالتزام بالتوقيع!
للمناسبة: يبدو أن “الخليفة” الذي في بيروت يسير على خطى من استخلفوه في الرياض، فقد كشف وزير التجارة الأميركية براون أن “السعودية تنوي أيضاً مد أكثر من مليون ونصف المليون خط هاتفي إضافي، وأن قيمة العقد الذي ستفوز به شركة الهاتف والبرق الأميركية هي أربعة آلاف مليون دولار”.
ولعل خطوطنا في بيروت وسائر لبنان يتأخر إنجازها في انتظار إبرام هذه الصفقة مع السعودية، فهاتفنا اللبناني سيكون بسماعة طرفها الآخر مفتوح على مملكة لاذهب الأسود والصمت الأبيض، وهو مصنع لواحد يتحدث والثاني يسمع فيستجيب ولا يجيب!
فأما وقد عاد الأمير الطيار بندر بن سلطان إلى البيت الأبيض فقد نال العرب ما تمنوا، وكفى الله المؤمنين شر القتال…
ولننتظر معاً “عاصفة السلام” الأميركية التي لا بد منها لإنجاز مهمات “عاصفة الصحراء”… ومع البنادرة سيكون علينا الاستعداد دائماً لعاصفة جديدة!!

Exit mobile version