طلال سلمان

على الطريق الأصدقاء…

من حق الرئيس أنور السادات أن يختار أصدقاءه وحلفاءه وعشراءه، فأمر الاختيار يعود – أساساً – إلى نمط علاقاته وليس فقط إلى عواطفه وأهوائه ورغباته ومزاجه الشخصي.
ولقد اختار الرئيس من كل قطر صديقاً أو مجموعة أصدقاء أو الحكم كله بمن فيه في هذا البلد أو ذاك..
اختار أميركا، مثلاً، وشطب الاتحاد السوفياتي من خانة الأصدقاء ورماه على اللائحة السوداء،
ومن أميركا وفيها اختار الرئيس نيكسون، وهنري كيسنجر الذي خصه بصفة “العزيز” ثم رفعه إلى مرتبة “الأخ”، وبعدهما الريئس جيرالد فورد ومنحه وسام “المناضل من أجل السلام”،
ومن العرب اختار الملوك والأمراء ومشايخ النفط، فأشاد بهم جميعاً أحياء وأمواتاً وامتدح إخلاصهم وكفاحهم لتحرير فلسطين وسائر الأراضي المحتلة (بما فيها القدس المشرفة والمسجد الأقصى خاصة)..
فليس سراً أن بينه وبين رؤساء الجمهوريات عموماً (عدا الرئيس سليمان فرنجية) حساسيات وحكايات مطوية في الصدور وآراء يفرض الشعور بالمسؤولية عدم إعلانها،
أما من أعضاء المرتبة التي تلي الملوك والرؤساء، فقد اختار الرئيس السادات أصدقاء نذكر منهم، على سبيل المثال لا الحصر، الشيخ بيار الجميل.
ونحن نسمي الشيخ بيار لأن الرئيس السادات سماه، ولأن الشيخ بيار ومعه حزب الكتائب رد على التحية بأحسن منها،
هذا يعني إن الرئيس السادات قد ضن بصداقته على الذين لا ينزلون الشيخ بيار (والكتائب) من نفوسهم منزل الصديق،
ولا اعتراض، بالطبع، فهذا حق من الحقوق الطبيعية للرئيس السادات، كما لأي إنسان آخر،
لكن القضية إن الشيخ بيار الجميل (والكتائب) قد وظف هذه الصداقة، المجدد الاعلان عنها وتأكيدها، في المعركة التي يخوضها الآن ضد المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية في لبنان،
ولا نحسب إن الرئيس السادات قد قصد بالنداء الذي وجهه إلى الشيخ بيار دعمه ضد الذين يواجههم بالبنادق ومدافع الهاون وحواجز المقنعين.
فالرئيس أنور السادات ، على حد ما نعرف ونعتقد، ليس له لا على المقاومة ولا على الحركة الوطنية في لبنان (ثار بايت)، ولا بينه وبينهما عداء معلن أو غير معلن،
صحيح إن هناك بعض الخلافات الطفيفة في الاجتهادات حول بعض الأمور الثانوية كفك الارتباط وطريقة استخدام النتائج الايجابية لحرب رمضان المجيدة، وإضاعة الفرص الثمينة التي كانت أمام العرب – كما يقول هيكل، المستشار السياسي للرئيس السادات – ، وحول استقبال نيكسون، والسير مع العزيز هنري خطوة خطوة بعيداً عن فلسطين ومصر والعرب، وحول لقاء سالزبورغ وما تم فيها، وحول فتح القناة وتوقيتها وهوية بعض السفن التي كانت في طليعة العبور ومنها سفينة القيادة التابعة للأسطول الأميركي السادس..
هذا كله صحيح،
لكن “اختلاف الرأي لا يفسد في الود قضية”، على حد ما كان يقول جدودنا الطيبون،
فلماذا، إذن، يختار الرئيس السادات الشيخ بيار الجميل صديقاً وحيداً بديلاً عن كل أولئك الذين لا يرى فيهم الشيخ لا أصدقاء ولا أشقاء ولا حتى مواطنين؟!
إنه سؤال ساذج! أليس كذلك، لكن ما العمل إذا كان البديل عن السذاجة الجنون؟!

Exit mobile version