طلال سلمان

على الطريق الأدلاء!

كل العرب متهمون، الآن، بالإرهاب… حتى تثبت براءتهم.
وإذا كان مصدر التهمة واشنطن، فمصدر “البراءة” إسرائيل،
ولكي تعطي إسرائيل صك البراءة والغفران فلا بد أن يسلمها العرب “الجانب”، وهو منهم قطعاً، وإلا عاقبت أولاً ثم تحققت من صحة التهمة لاحقاً،
وواشنطن تطالب، الآن، بلسان إسرائيل، بتسليمها ثلاثة جناة أولهم “العاصي” معمر القذافي، والثاني “انتفاضة” شعب فلسطين العربي في ارضه، والثالث هو كل من قال “لا” لمشاريع التسوية أو التصفية بالاعتراف والمفاوضة والصلح، يستوي في ذلك “السوري” أو “الرافض” من الفلسطينيين أو القائل بالتغيير والإصلاح والهوية العربية في لبنان.
و”الخلاف” بين واشنطن وتل أبيب قائم فعلاً حول نقطة واحدة هي: لمن توجه الضربة الأولى، وأين؟! في جماهيرية القذافي أو في فلسطين الانتفاضة أو في دمشق (واستطراداً في بيروت) الاعتراض والمعارضة؟!
ريغان يريد رأس القذافي كإنجاز أخير لعهده الميمون،
أما إسرائيل فتريد حلاً للمعضلة “الداخلية” التي فضحت عجزها وأنهت أسطورة تفوقها العسكري والتكنولوجي والحضاري والديموقراطي الخ،
على أن الطرفين يريدان من العرب أن يشتغلوا “أدلاء” على بعضهم البعض،
إنهم يرشحون بعض العرب لوظيفة “المقنع”، وهو الثوري المرتد أو العميل المزروع والمتستر بلبوس الفدائيين، الذي يرافق قوات الاحتلال ليدلها على “المخربين”،
والخوف أن يستغل شعار “نبذ الإرهاب” وإثبات التوبة، واستعداد بعض الثوار السابقين الطامحين إلى الحكم “للتعاون”، أو قلق بعض الحاكمين على عروشهم أو على استمراريتهم فيها، لتحويل هؤلاء جميعاً إلى “ادلاء”،
فلكي تنبذ “الإرهاب” يجب أن تنبذ “الإرهابيين”، ولا يكفي التنصل منهم، فإن كنت لا تستطيع تأديبهم فارشد إليهم فقط واترك العقاب للقادر عليه،
ومن أسف أن “الادلاء” بين العرب وعلى العرب أكثر من الهم على القلب في عصر التحولات والتبدلات وسقوط الثوابت والبديهيات!

Exit mobile version