طلال سلمان

على الطريق إسرائيل الكبرى!

ليس أوضح ولا أصرح من الموقف الأميركي تجاه العرب، كل العرب، هذه الايام… ولقد تولى الرئيس فورد شخصياً، ومن بعده كيسنجر، إعلانه وتكراره بمبادرات قاطعة في تحديدها ودلالاتها، قطعاً لدابر الشك والتكهنات وتبريرات “الأصدقاء”.
وخلاصة هذا الموقف أن واشنطن تريدنا أن نمسح، وبأيدينا، آثار حرب رمضان ونحن لما نحتفل بالعيد الأول لقيامها.
ولقد وصلت واشنطن إلى هذا القرار بعدما فشلت في إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة بحيث تصبح عكس ما كانت عليه، قبل سنة، فتعطي بالتالي عكس ما أعطته حينها.
كانت المسألة الوطنية تضغط بثقلها على القيادات العربية، وتلح عليها بضرورة الحسم، فلما حسمت قيادتا مصر وسوريا بقرار الحرب ضغط هذا القرار على الدول النفطية، وبالذات السعودية، فاضطرت إلى التحرك في اتجاه مغاير للمصالح الأميركية. فلما انفجرت الحرب واشتد ضغط بعض الأقطار العربية المنتجة (كليبيا) للالتزام بالموقف القومي، عمدت السعودية إلى المزايدة مندفعة في الشوط إلى مداه… مؤملة أن يعطيها هذا الاندفاع غطاء وطنياً لقرار التراجع مستقبلاً.
وما حاولته واشنطن منذ وقف اطلاق النار وحتى الآن يلخص بالتالي:
1 – محاولة الفصل بين مصر وسوريا، ثم بين مصر وسوريا من جهة والمقاومة الفلسطينية من جهة أخرى…
2 – محاولة إعطاء السعودية دور القيادة في فترة ما بعد الحرب، باعتبارها زعيمة معركة النفط.
3 – إعادة الحياة للنظام الأردني والضغط به على الجبهة المحاربة أي إن محاولة واشنطن تلخصت باستخدام “الطرف الصديق” للضغط على الطرف المقاتل.. إضافة إلى الوعود بالمليارات الضرورية لتعمير ما هدمته الحرب، والتعهد بمساعدات غير محدودة لإعادة بناء الاقتصاديات العربية.
مع انكشاف هذه الخطة، وعبثية انتظار المليارات الأميركية، كشفت واشنطن عن أنيابها في وجه الجميع: أتحسبون أنكم بانتصار جزئي على إسرائيل تستطيعون أن تفرضوا علي شروطكم؟! إذن هي الحرب!..
حرب على جبهة مصر وسوريا، لا تقتصر فقط على عدم الوفاء بأي تعهد يتعلق بالمساعدات الاقتصادية، بل هي تشمل المساعي الخاصة بالتسوية السياسية.. فموقف واشنطن الحالي، مع تطوراته المحتملة، يجعل مؤتمر جنيف في خبر كان..
وحرب على جبهة النفط طلائعها هذه التهديدات العلنية بوقف الأغذية،
وحرب على جبهة فلسطين تمتد من الاعتراف بمنظمة التحرير حتى تصل إلى محاولة منع مناقشة قضيتها في الأمم المتحدة،
وهكذا تتولى واشنطن مباشرة إدارة الحرب التي كانت إسرائيل مكلفة تقليدياً بإدارتها لحساب أميركا في المنطقة العربية: ضد إرادة التحرر وضد نزعة الاستقلال الكامل والحقيقي (أي الاقتصادي إلى جانب السياسي)، ولحماية المصالح والاستثمارات الأميركية الهائلة في المنطقة،
ومن فوائد غياب أو تغييب إسرائيل الصغرى إن إسرائيل الكبرى اضطرت لأن تنزل إلى الميدان بنفسها وبلا ستار أو قناع.
والكلمة الآن للعرب.. كل العرب.
فلقد أعلنت واشنطن، بلسان رئيسها و”العزيز هنري”، ومن فوق منبر الأمم المتحدة بالذات، إن ليس لها بين العرب أصدقاء، وإنهم في نظرها في إحدى منزلتين: منزلة العدو أو العميل.
… مع أطيب التحيات لمستر يماني!

Exit mobile version