طلال سلمان

على الطريق أيها اللبنانيون.. صرتم لبنانيين!

مبروك للبنانيين الذين اعترف لهم، أخيراً، بأنهم لبنانيون!
مبروك لكل أولئك الذين كانوا لا أحد فباتوا اليوم بشراً سوياً وصاروا مواطنين يستحقون أن يشاركوا في الهناءة في “مرقد العنزة”، وأن يتمتعوا بنعم خطة النهوض الاقتصادي وبرنامج الأولويات الأفقية.
مبروك لكل هؤلاء الذين استمروا موضوعين “قيد الدرس”، ولا من يدرس، طيلة دهور من الإهمال المتعمد والظلم المقصود والتعسف المموّه بذريعة التوازن الطائفي، حتى جاء من يملك الشجاعة للإقرار بانتمائهم إلى الأرض اللبنانية وإلى تابعية “الجمهورية الثانية” بعدما أوصدت أمامهم أبواب الجمهورية الأولى منذ قيامها وحتى سقوطها بالدستور الجديد لاتفاق الطائف الميمون.
من “عرب وادي خالد” في أقصى الشمال، عند الحدود السورية، إلى أهالي “القرى السبع”، وأشهرهم أهالي “هونين”، في أقصى الجنوب، عند الحدود الفلسطينية، عاش عشرات الألوف من اللبنانيين خارج هوية “الدولة” وعلى هامش الحياة العامة: لا يُقبلون في الإدارة وترفض طلباتهم بأن يخدموا العلم، لا ينتخبون ولا يُنتخبون، ويعاملون كلاجئين أو كضيوف ثقلاء لا مجال للخلاص منهم.
وحده من يموت كان موضع ترحيب إذ ينال أهله الإذن بدفنه ويشطب من لائحة “قيد الدرس” بشيء من راحة الضمير.
إلى جانب هؤلاء كان ثمة مئات من “الوافدين” وآلاف من “المستقدمين” يجدون الهوية الثمينة ذات الأرزة في انتظارهم على الحدود، تارة بأحكام قضائية استناداً إلى وثائق تم تزويرها باتقان في المغتربات، وطوراً بمراسيم جمهورية “غالية” لتعطي الفخامة “حقها”.
كذلك كان ثمة آلاف يجيئون هرباً من حروب المصالح والصراعات الدموية بين دكتاتور سابق ودكتاتور لاحق في بعض الأقطار العربية، فيتخذون من لبنان “مقراً” أو “ممراً” إلى مهجر… وكان ثمة آخرون “يستدعون” ليتخذ منهم بعض زعماء الطوائف متاريس وميليشيات وقتلة على الهوية ما أسهل من التبرؤ منهم ولو بالتصفية الجسدية!
صار الكل الآن لبنانيين… وتساوى صاحب الحق “التاريخي” بمن اشترى حقه بالثمن، أو من اكتسب “الحق” بقوة التوازن الطائفي،
وسيقال غداً أنه في عهد الزحلاوي الماروني الياس الهراوي زاد اللبنانيون نحو ماية ألف نسمة،
قد يعوّض هؤلاء غياب بعض من غيّبتهم آثام الحرب، أو من أسعدهم حظهم بتأشيرة إلى أي مكان تحت الشمس يتوفر فيه الأمن والخبز وجواز السفر الذي لا يرمى بوجه حامله!
لكن هذه الزيادة التي تجيء رفعاً لظلم معتق لمن تمر بغير مزايدات ومناقصات وممارسة للهواية الفولكلورية المفضلة لبنانياً، أي إثارة الحساسيات الطائفية.
… خصوصاً وأن ثمة أمراً لا مجال للاجتهاد أو للتبديل والتعديل فيه وهو: أن الفقراء أكثر إنجاباً من الأغنياء أو متوسطي الحال… وطالما أن أكثرية الفقراء ينتمون إلى طوائف معينة، فإن المعترضين سيشهرون سيف الطوائف الأخرى للاعتراض.
ولأن “الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن” فسيظل مبرراً تنسيب الوافدين الأثرياء (إلى أي طائفة انتموا) والمستقدمين من أنحاء شتى ليكونوا وقوداً للحرب الطائفية، بينما ستنكر على الياس الهراوي جرأته في إعطاء اللبناني صاحب الحق حقه في أرضه وجمهوريته المؤكد بالولادة والانتماء كما بالخيار القاطع.
والمهم ألا يضيع شرف القرار في التطبيق الرديء أو المتعسف، فيهدر الحق مرة أخرى تحت ستار الحرص على التوازن الطائفي الذي كاد ينهي لبنان – بسكانه الأصليين والوافدين – مرات ومرات.
والهمة همة أخينا بشارة الذي “يرهج” اسمه الآن على هذا المرسوم – الحدث.

Exit mobile version