طلال سلمان

على الطريق أنبل العرب وملوكهم!

بضع ملاحظات سريعة على قمة الرباط، تتجاوز التحليلات ولا بد أن تسبقها وأن تنفصل عنها بمقدار ما كانت منفصلة ومتمايزة بل ومتناقضة مع مجرياتها:
الملاحظة الأولى – إن أنبل العرب هم الفقراء، ولقد ضرب ثلاثة هم أفقر العرب مثلاً في الايثار النبيل… فحين تكرم أصحاب المليارات على كل من الصومال وموريتانيا واليمنين بقروش زهيدة، تنازل ولد دادا عما قرر له لمحمد زياد بري لكي تشعر “الصومال، وهي الدولة العربية الجديدة، إن أخوانها العرب لن يتخلوا عنها”..
وحين وجد سالم ربيع علي إن المطالبة بمساعدة اليمن الجنوبية تثير حفيظة الملك فيصل، وتهدد بأن تحرم اليمن الشمالية من المساعدة، وقف يعلن أنه لا يريد شيئاً، وإنهم في الجنوب يكتفون بأن يعطي الشمال ما يقيم أوده…
ثم… قام الفلسطينيون يجمعون “تبرعاً” من بعض “أهل الخير” لموريتانيا والصومال واليمنين.
الملاحظة الثانية – إن مؤتمرات القمة قد تنفع في معالجة وضع سياسي راهن ومتفجر، ولكنها تظل عاجزة عن بناء مؤسسات مؤهلة لأن تكون دعائم ثابتة للغد العربي المنشود…
الملاحظة الثالثة – إن كثيراً من عرب النفط يفهمون من كلمة مؤتمر قمة ما يفهمونه تقريباً من كلمة “أتاوة” أو “خوة”، فيجيئون وكل منهم يشغله هاجس كبير هن : ترى كم سيفرضون علي؟ كم تراهم سيأخذون مني “بالاونطة”؟!
… هذا مع العلم إن أيا من هؤلاء عليه أن يدفع للأمة العربية كل ما يملك كفارة عن قبوله بوجوده حاكماً لمئة رجل وألف بئر من النفط، وصاحب دولة لها علمها والجيش والنشيد والوزارات والسفراء والهيلمات بغير أن يكون لها سند تاريخي أو جغرافي في الوجود “الدولي”.
الملاحظة الرابعة – إن “مندوب اليمن” الشهير في التاريخ السياسي العربي بأنه الحاضر الدائم والصامت الدائم قد باض وأفرح فصار عدة مندوبين… بل إن ؤهلاء السادة من المؤمنين بأن “لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك” يشكلون في بعض الأحيان أكثرية الحاضرين… حتى ليداهمك إحساس ثابت بأن تعبير “الأكثرية الصامتة” قد ولد في مؤتمر قمة عربي!
الملاحظة الخامسة – إن العرب في العالم أكبر بكثير مما هم بنظر حكامهم… ربما لأنه ينظر إلى العرب على ضوء إمكاناتهم، وباستشراف تاريخي لمستقبلهم ، بينما هم – الحكام – لا يستطيعون أن ينظروا إلا بعيونهم هم، وحلها كليل، تماماً مثل عقولهم وقدرتهم على الخلق والابتكار والإبداع وما شابه من الموبقات..
الملاحظة السادسة – إنه حتى الملوك لا يستطيعون أن يكونوا أعداء للوطن والوطنية في سائر الأحوال والأوقات والظروف… وهكذا فإنهم يضطرون أحياناً إلى الخروج عن وقارهم.
و”المضطر” ، في الأمثال، يقبض على الجمر بيديه ولو كانتا من ذهب…
وللحديث صلة..

Exit mobile version