طلال سلمان

على الطريق أميركا لا الأميركي!

على امتداد أسبوع طويل ظلت حكاية الكولونيل الأميركي أرنست مورغان الشغل الشاغل لحركة المقاومة الفلسطينية، بمستوياتها القاعدية والقيادية حتى أعلاها، وللحركة الوطنية اللبنانية بفصائلها المختلفة، ولأكثر من نظام عربي أما من منطلق اهتمامه بوحدة المقاومة وسلامتها وأما من منطلق تخوفه من رد الفعل الأميركي، ناهيك بالدولة اللبنانية وحكومتها العجوز التي بالكاد أمكنها الوقوف على قدميها فوق بحر الدماء التي أريقت في الشهرين الماضيين.
هذا بينما يمضي نظام الرئيس السادات قدماً على طريق “التسوية” بالشروط الإسرائيلية مترجمة ومنقحة ومزيدة في طبعة أميركية أنيقة،
وبينما تضج إذاعات العالم بأخبار التنازلات المصرية والأسئلة الإسرائيلية والاستيضاحات الأميركية، ويطير كيسنجر إلى أوروبا ليلتقي غروميكو، ثم ليضع مع إسحق رابين اللمسات الأخيرة على مشروع الاتفاق الجزئي الجديد المتعلق بسيناء وممراتها الاستراتيجية وموقع قوات الرقابة الأميركية فيها،
وبينما يعود الملك حسين إلى المسرح السياسي من أوسع أبوابه طارحاً نفسه كبديل متفق عليه من معظم الأطراف للقيادة الفلسطينية المختلفة فصائلها، والمختلفة – بمجموعها – مع أكثر من طرف عربي، والذي أخذ يتجرأ عليها بعض أضعف مناصريها والمحسوبين عليها فيوجهون إليها اتهامات قاسية تصل إلى حد تخوينها وطنياً وقومياً ونقلها من معسكر الثورة إلى معسكر القوى الموالية للإمبريالية!
حدد موقفك : أنت مع خطف مورغان أم ضده؟ أنت مع إطلاق سراح هذا الجاسوس الأميركي أم مع تصفيه؟!
إذا كنت مع الخطف فأنت رافض للمشاريع الاستسلامية، معاد للإمبريالية، مع نضال الشعوب العادل وحقها المشروع في تقرير مصيرها، مع تحرير فلسطين، ضد الفاشية والرجعية والانعزالية والطائفية في لبنان،
أما إذا كنت ضد الخطف (وما جر إليه!) فأنت مستسلم، مع التصفية، إمبريالي، ضد حرية الشعوب، متآمر على فلسطين وشعبها وقضيتها، مع الفاشية والرجعية والانعزالية والطائفية.. وطبعاً مع المخابرات المركزية الأميركية!
ومحلياً: فأنت ضد أهل المسلخ والفقراء عموماً، ومع البورجوازية، بل الرأسمالية والطغمة الاحتكارية!
كل هذا يجري وجراح المقاومة ومعها الحركة الوطنية لا تزال تنزف الدم بعد الصدامات التي دبرت ونفذت ضدها في شوارع بيروت وضواحيها.
يجري والمعلومات قبل التوقعات والتقديرات تشير إلى أن ثمة جولة رابعة وربما خامسة وسادسة تستعد لها الكتائب بمساعدة رعاتها وحماتها في داخل السلطة اللبنانية وخارجها.
ومع تقديرنا لوطنية الأفراد الذين خطفوا مورغان، ولإخلاص الفصائل التي دعمت الخاطفين وساندتهم ومكنتهم من طرح نفسهم واسماع صوتهم وأثبلت وجودهم (ولو على حساب أطراف أخرى لا تقل عنهم وطنية وإخلاصاً)، فإن ثمة كلمة صريحة يجب أن تقال هنا..
إن الإرهاب الفكري وابتزاز المواقف السياسية والمزايدة والثورية اللفظية وغير ذلك من الأساليب العتيقة والمكشوفة وغير المجدية لا تخدم المقاومة، بكل فصائلها، وجبهة الرفض بالذات.
فالرافض لن “يقبل” بسبب مورغان، و”القابل” لن يرفض من أجل أن لا يعدم المستر مورغان!
والموقف من مورغان ليس هو الموقف من التسوية، وبالعكس،
بل لقد “شغلنا” الاهتمام بمورغان عن متابعة المؤامرة الأميركية المستمر تنفيذها منذ وقف اطلاق النار في حرب رمضان المجيدة..
… والآن، وقد انتهت حفلة مورغان، فالرجاء الرجاء أن نلتفت جميعاً، وأن نهتم جميعاً، وأن نناضل جميعاً وبالوسائل والأساليب المجدية ضد الولايات المتحدة الأميركية، والمعسكر الإمبريالي والمشاريع التصفوية والتسويات الاستسلامية!

Exit mobile version