طلال سلمان

على الطريق أسئلة ليست للفهم!

من الأفضل أن يكتفي واحدنا بمتابعة التطورات والتحولات المذهلة التي تتم محلياً وعربياً، وعلى اتساع الكرة الارضية، وأن ينأى بنفسه عن محاولة الفهم،
المحاولة نفسها مكلفة، أما إن توصلت إلى الفهم ذاته فستكون الكلفة أعلى،
“انظر وانتظر” مرجئاً محاولة الفهم حتى إشعار آخر، فالريادة هنا غير مشكورة،
وعلى قاعدة “الأبعد أوضح” فإن ما يجري إلى جانبك مباشرة، من حولك وحواليك تماماً، هو الأصعب والأعقد والممنوع فهمه،
لكأنها لحظة “اتفاق الدول” وهي أخطر من لحظة اختلافها، وبالتالي فحفظ الرأس أوجب!
بين الأسئلة المحرمة: من مع من؟ من ضد من؟ لماذا تبادل المواقع؟ وما السر في تغير التحالفات؟ ومن وراء لعبة الكراسي الموسيقية؟! وإلى أين سيقودنا ذلك كله؟!
ومن بينها أيضاً: هل آن الأوان لاستثمار نتائج الحرب على “الشرقية”؟! وما مدى الترابط في التوقيت وفي الاستهداف بين تلك النتائج وما يجري الآن في إقليم التفاح؟! وهل كان البيان – البرنامج لمجلس الوزراء لتحقيق الوفاق الوطني، وقد جاءه من اللجنة العربية العليا عبر دمشق وبالتوافق معها، “ساعة الصفر” المحددة للقابلين وللرافضين على حد سواء؟!
ومن بينها أيضاً وأيضاً ما يتصل بسر هذا التزامن بين التحولات على الجبهات المختلفة، جبهة حرب الخليخ، وجبهة حرب “التسوية” للصراع العربي – الإسرائيلي، وجبهة “الحروب” اللبنانية والعربية – العربية والعربية – الإسرائيلية في لبنان؟! فلا العراق حيث كان ولا إيران؟! فالحرب صارت خلفهما وإمارات الخليج من أمامهما، وقلب الهجوم (والدفاع) أرض “الحرمين الشريفين” وإن لم تظهر مباشرة في الصورة.
على الناحية الأخرى تطل تباشير علاقة مصرية – سورية مميزة، تحقق للقاهرة مسافة تطلبها وترغب فيها ابتعاداً عن العراق (ومنظمة التحرير) واقتراباً من إيران بغير أن تستفز السعودية والخليج، وتحقق لدمشق مسافة تطلبها ابتعاداً عن زمن التحالف مع إيران وتطبيعاً مع العراق (ومنظمة التحرير) بغير أن تستفز السعودية والخليج.
وفي الوسط من هذا كله يقع لبنان والتحولات فيه،
ففرنسا تدخل من الباب السعودي حتى لا تظل سوريا هي الأقوى، وتحوّل باب خروج ميشال عون إلى باب دخول إلى الطائف حتى لا تترك مصير المسيحيين لقرار واشنطن فتخسر باريس التاريخ في لبنان (العلاقة “المميزة”) من غير أن تكسب (ويكسبوا) في الجغرافيا العربية،
والفاتيكان يتحرك، أخيراً، لإدخال ميشال عون في “الشرعية” حتى لا يخسر الوجود المسيحي في لبنان ودوره وموقعه الممتاز (عربياً)، مكتفياً بأن يحاول عبر بعض التغييرات في صورة “الشرعية” وحكمها (المسيحي) تمرير التعديلات التي يريدها في اتفاق الطائف.
وتتعاون فرنسا مع الفاتيكان حتى لا يذهب “المسيحيون” إلى دمشق، فإن كان لا بد من “أبغض الحلال” فليكن عن طريق “المحلل” السعودي، تطميناً للأخ الأكبر الأميركي (ولبنيامين الغرب: إسرائيل)، وللغرب عموماً ومعظم العرب على وجه الخصوص!
انظر وانتظر، وارجئ الفهم الآن… و”يا خبر بفلوس وبكره ببلاش”،
… والفلوس آتية لا ريب فيها، وها هو “الصندوق الدولي لمساعدة لبنان” أشبه بالجزرة التي مدت بعصا طويلة لاستنهاض همة الطامع والمتقاعس وبليد الفهم!
ملياران من الدولارات، مبدئياً، والبقية تأتي… والبقية مرشحة لأن تكون أضعافاً مضاعفة!! وثمة أسخياء في العالم، كاليابان والسوق الأوروبية المشتركة، مستعدون لتعويض “البخل” العربي، وبالتحديد بخل أهل النفط الذي يخلخل الآن علاقة الأخوة – الأغنياء في الجزيرة وخليجها المذهب،
إذن فممولو الحرب (الحروب) مرشحون لأن يمولوا “السلام” وإزالة آثار العدوان!

Exit mobile version