طلال سلمان

علمانية دبابات ديموقراطية تركية

عشية الانتخابات التركية ضرب الجيش، بوصفه حارس »العلمانية« وبالتالي »الديموقراطية«، النفير: إذا فاز الاتجاه الإسلامي ممثلاً بحزب الرفاه فهي الحرب!!
وأمس، غداة ظهور النتائج المقننة والتي كانت معروفة ومكشوفة سلفاً، وبروز هذا الاتجاه كقوة سياسية اولى، بالانتخاب، أطلق الجيش التركي أولى صيحات الحرب: »ان القوات المسلحة التركية تبنّت مبادئ معاصرة علمانية وديموقراطية، وهي تمثل قوة لا تقهر ذات طابع تقدمي، ضد اية عملية رجعية او محافظة«!
لم يكن مشهورù عن الجيش التركي انه جيش »عقائدي«،
وليس مشهورù عن اي جيش محترف انه يتخذ مواقف سياسية بهذه الحدة في ظل نظام ديموقراطي، فكيف اذا كان علمانياً ومعاصراً؟!
وفي العادة، فإن العصا الغليظة للعسكر، حتى لو كانوا أتاتوركيين، تستخدم ضد الديموقراطية لا من اجلها،
وفي العادة ايضù، فإن العلمانية كنظام يحميها الاختيار الحر للمجتمع المعني، وبالتالي فلا تحتاج الى جيش يحميها من »المؤمنين«، فإذا ما احتاجت حماية بالدبابات كان معنى ذلك انها مفروضة فرضاً، وانها من خارج طبيعة شعبها او انها لا تنسجم مع درجة تطوره »المدني« او انها لا تلبي احتياجاته الوجدانية او الروحية، خصوصù في ظل اوضاع اقتصادية مأزومة وفي ظل التخلف والفقر والاضطهاد القومي كالذي تعيشه فئات واسعة من ابناء الشعوب التركية.
الدبابات في مواجهة الفقراء،
الدبابات في مواجهة الأكراد المحرومين حتى من حق استخدام انتمائهم العرقي، ناهيك باللغة، قبل الوصول الى الحقوق السياسية،
الدبابات في مواجهة »الإسلاميين«،
الدبابات لحماية العلمانية،
هي ديموقراطية نموذجية في مجتمع شرقي متغرب الى حد الضياع وافتقاد الدور: فالغرب يضن عليه بمرتبة الملتحق او اللاجئ السياسي، في حين يستكبر على الشرقيين لكنه يحتاج الى »تأييدهم« او الى ولائهم العرقي (لا سيما في الجمهوريات الآسيوية الاسلامية) فينافقهم لكي يُعترف به كقوة اقليمية كبرى.
إنها دولة عسكرية، بالمعنى الحرفي للكلمة، هذه التي لا ضمانة لنظامها »الديموقراطي« إلا جيشها الغربي العقيدة والتدريب والسلاح والمهمة.
مع ذلك يهلل الغرب للديموقراطية التركية، ويكافئ العلمانيين من حكامها بإلحاقهم ببعض منافع اسواقه وتكتلاته الاقتصادية ليزيّنها كنموذج جاذب للذين يقررون الخروج من جلودهم وادعاء الانتماء الى عالم لا يقبلهم الا اذا مسخوا انفسهم فلم يعودوا شرقيين، وبالتالي لم تعد لهم هوية، اية هوية، اذ لن يصنّفوا أبدù غربيين!
الإسلام هو »الفزاعة« الآن في كل مكان من العالمين العربي والإسلامي!
الإرهاب بصورة مفزعة للإسلاميين هو السلاح لإدخال الجميع الى بيت الطاعة الغربي عمومù ممثلاً الآن بإسرائيل ومشروعها الخاص بالهيمنة على »الشرق الأوسط الجديد«.
والخيار محدد تماماً: بين الانضواء تحت جناح الديموقراطية العلمانية الإسرائيلية، او التصادم مع الديموقراطية العلمانية التركية بداية ثم الانضباط داخل بيت الطاعة ذاته!
والجيوش »العقائدية« الآن هي فقط التي تطارد فلول العروبة والإسلام، منفصلَيْن او مجتمعيْن، على مدى الارض العربية والإسلامية!
علمانية الدبابات: تلك هي الديموقراطية الجديدة!

Exit mobile version