طلال سلمان

عـن الطيـب »أبـي حسـام«

لم نصدق حين رأيناك تذوي أنك إنما تبتعد منا إلى حيث لا عودة.. كنا نفترض أن روحك التي تشع حباً لكل الناس، أن ظرفك وابتداعك النكات التي تجعل السهرات مسامرات يطرب لها القلب قبل الأذن، أن ودك الصافي الذي يصرع الأحقاد و»العداوات« الموروثة بين الإخوة.. أن ذلك كله سيقهر الأجل المضروب.لم نصدق أنك يمكن أن تغيب، أنت الذي طالما كنت سبباً للحضور، وأن الموت يمكن أن يطالك فيختطفك من قلب عائلتك التي كان مناخها تجسيداً للإلفة والترابط الاجتماعي… بالزوجة الطيبة التي وجهها ابتسامة وميساء وحسام وعماد وقد كانوا معقد أحلامك.لم نصدق أنك يمكن أن تغيب أنت الذي كنت تمضي نهاراتك في تعليم الناشئة، ثم تنصرف في أيام العطل إلى تجارة بسيطة تقودك إلى معظم أنحاء »بلاد بعلبك« كيما تعود بقليل من الليرات لتزيد من دخلك بتعبك، ولتدفع من أجل تعليم أرقى لأبنائك… أما ما تبقى من وقت فلذلك الرهط من المحبين والأصدقاء الذين كانوا ينتظرونك ليتلاقوا من حولك، فتسمر معهم وتؤنسهم فتمضي ويمضون، كل إلى غايته، وقد تسامت شجرة الود وضــربت جـذورها في نفسياتنا عمقاً.لم يحمك ذلك كله يا أبا حسام: حب الناس، التعلق بالأرض، الود المشاع، كراهية الظلم، النفور من الخصام، إرادة الخير للبشر جميعاً، الإصرار على إنجاح الكسالى من التلامذة وسوقهم إلى النجاح مخفورين بدأبك ومتابعتك لهم، واهتمامك بهم كتعبير عن استيلاد المستقبل الأفضل.إن »ضيعتنا« لفي حزن عميق. إن الحب فينا قد أصابه النقص يا أبا حسام… وسنعوضه بأن نجعلك دائماً موضوع لقاءاتنا والاستمرار فيها، لأنك حبة العقد.رحمك الله يا أبا حسام، حسن حسين فارس الحاج حسن… وقد كنت عنواناً »لعائلتنا« نحن الذين نرى إلى ضيعتنا، وطننا، بلادنا، أمتنا كوحدة لا تنفصم عراها بالغياب المر الذي لا ننتصر عليه إلا باستبقائك معنا.

Exit mobile version