طلال سلمان

عصام فارس و»رفاقه« نموذجاً ل»شهداء« التهييج الطائفي

سيندم اللبنانيون غداً، وبعد فوات الأوان، كالعادة، على انجرافهم مع تيارات التطرف الطائفي التي زيّنت لهم اختيار من يمثل حالة الهياج المتعدد الأسباب التي يعيشونها ليدخل باسمهم المجلس النيابي الجديد.
سيفتقدون وجوهاً تمثل »الاعتدال«، والاعتدال هنا لا ينفصل عن »الوطنية« كما انه لن ينفصل عن »الديموقراطية« واستطرادا عن الصيغة الأرقى للعروبة حضاريا.
سيدهمهم احساس ممض بالخسارة وهم يستعرضون الاعضاء المختارين بالقرعة أو بالاستنساب أو بالمزاج في »القوائم المذهبية«، ولسوف يفتقدون »الغائبين الكبار« الذين قصّروا في حمايتهم فتركوهم ضحايا لمذابح الطائفيين والمذهبيين وأصحاب الاغراض.
سيسأل واحدهم نفسه: كيف تخليت عن عصام فارس، أو عن نسيب لحود، أو عن جان عبيد أو عن الدكتور بيار دكاش وشكيب قرطباوي أو عن أمثالهم من »الوجوه« التي أعطت للحياة السياسية بعض المعنى، وتعاملت مع الناس بصدق، وعالجت المسائل الشائكة بحكمة؟!
لن يتردد أحد في الاعتراف بأنه قد أخطأ، فساهم بإلحاق ظلم إضافي بمظلومين من نوع عصام فارس الذي فرض عليه تقسيم الدوائر الانتخابي ان يخوض معركته في منطقة لا يجمع بين أطرافها رابط، فليس بين عكار وبشري حتى طريق… كما فُرض عليه ان يواجه التطرف، على الضفتين، بذريعة انه الأقدر على امتصاصه.
لقد حقق قانون الألفين مصالح متعارضة للمتخاصمين، ولكن ضحاياه في الحالتين كانوا من أهل الاعتدال باعتباره شرط وجود لهذا الوطن الصغير.
وبديهي أن عصام فارس الذي لعب دوراً متميزاً في محاولة ترشيد الحكم لن يهرب من ميدان العمل الوطني العام، شأنه في ذلك شأن جان عبيد الذي نجح في الوزارة، الصعبة، وشأن نسيب لحود الذي لم يدخل أي حكومة لأن الآخرين كانوا يرونه »أكبر من وزير« فيستبعدونه.. وشأن بيار دكاش الذي ما زال في نظر الكثرة من أهالي منطقته نائبهم وحكيمهم، في حين ان قرطباوي محاميهم.
لقد رفض عصام فارس ان يخضع للتجربة المرّة، مرة أخرى، فيخضع لمساومات في السوق الانتخابي قد تذهب ببعض القيم التي يؤمن بها.
كذلك حاول جان عبيد ان يحفظ للمقعد النيابي في طرابلس شرفه بأن يكون من يشغله ممثلاً فعلياً للناخبين، فكان أن استبعده كل الحلفاء الشركاء.
أما نسيب لحود فقد اجتمعت عليه السيوف كلها، سيوف الخصوم وسيوف رفاق الدرب، فشطبته لتنقص واحداً من قلة كانوا صوت العقل في المجلس النيابي.
وأما الدكتور دكاش والنقيب قرطباوي فحكايتهما أكثر تعقيداً.
لكن الناس سيحفظون »دولة الرئيس عصام فارس«، و»معالي الوزير جان عبيد« و»سعادة النائب نسيب لحود« و»الحكيم« و»النقيب« في ذاكرتهم وقلوبهم باعتبارهم »شهداء« للقوانين الانتخابية الخطأ التي تستولد موجات التطرف والهياج الطائفي التي تشوّه مفاهيم المواطن والتي سوف تهدد الوطن في غده.

Exit mobile version