طلال سلمان

عشرون التفرّد!

«خلال سبع ساعات من الاتصالات الهاتفية بيننا في أوسلو، كوفد مفاوض، وبين الرئيس ياسر عرفات في تونس، والقاهرة وعواصم أخرى، تمّ استيلاد التسوية التاريخية للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين».
بهذه الكلمات يفتتح محمود عباس (أبو مازن) كتابه عن اتفاق أوسلو، إثر المفاوضات السرية الفلسطينية ـ الإسرائيلية، تحت رعاية أميركية غير معلنة، وبعيداً عن مؤتمر مدريد الذي لم يول القضية الفلسطينية الاهتمام الذي تستحق، بينما انصرف إلى توزيع «المكافآت» على الدول العربية التي شاركت في الحرب الأميركية ـ العربية على عراق صدام حسين لإخراجه من الكويت التي كان قد احتلها، كرد على انسحاب دول الخليج من تعهداتها له بل تحريضها له على شن الحرب على إيران الثورة الإسلامية.
وهكذا تحققت مقولة «القرار الوطني المستقل» في قضية فلسطين، بعيداً عن الأطراف العربية (والدولية) الأخرى، بتشجيع من سابقة أنور السادات في الصلح المنفرد… وبعدها ستتوالى الاتفاقات المنفردة وتحت عنوان «القرار المستقل»، وكان الأردن هو التالي، في وادي عربة، أما الآخرون فلسوف يلحقون علناً أو سراً… ودائماً على حساب القضية القومية الجامعة: فلسطين، الممزقة الآن بين «سلطة شرعية» في الضفة الغربية وسلطة مطعون في شرعيتها في غزة، وسائر أبناء الشعب الفلسطيني في «الداخل» والذين صُيّروا «رعايا لدولة إسرائيل»، من الدرجة الثالثة، وبقوة الأمر الواقع.
لمناسبة الذكرى العشرين لهذا الاتفاق الذي كان «بطله» محمود عباس والذي حوّل ـ بشكل نهائي ـ الثورة الفلسطينية الواعدة إلى «سلطة» لا حول لها ولا طول، يقدم ملحق «فلسطين» محوراً خاصاً يستعرض التحولات التي أدت إلى تهميش القضية وزيادة الفرقة بين الفلسطينيين.
أما المحور الثاني فعن مدينة طولكرم التي تقع في الجزء الشرقي من منتصف السهل الساحلي، على بُعد 15 كلم عن شاطئ البحر، وهي مركز أحد أقضية نابلس التي تتربع فوق المرتفعات. ولقد سمح الموقع لطولكرم بأن تكون مركزاً عامراً على امتداد مراحل التاريخ بين الكنعانيين والعرب العاربة، وبينهم بنو بهراء الذين ينتسب إليهم المقداد بن الأسود، أحد صحابة الرسول العربي، وتوجد في حوران وشرق الأردن وسوريا والبقاع وطولكرم وجنين عائلات تنتسب إلى هذا الصحابي الجليل. كما يُنسب إلى طولكرم الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي الذي تصدر للإفتاء في الأزهر، وكان أحد أكابر الحنابلة في مصر. ومن علمائها أيضاً الشيخ علي منصور الكرمي وكان مرجعاً للحنابلة. وأهم قبائل طولكرم الحوارث القحطانية وعرب العائد وهم من جذام، وعرب البلاونة وهم من قضاعة وعرب الحويطات والقطاطوة والملالحة وعرب الرميلات والنصيرات.
وقد زادت أهمية طولكرم في العهد العثماني عندما أصبحت مركزاً لقضاء بني صعب الذين سكنوا جبل عامل في عهد صلاح الدين الأيوبي.
.. وعسى أن تنتقل أوطاننا بمكوناتها من الذاكرة إلى… الأرض، أرضهم المستقلة.

Exit mobile version