طلال سلمان

عرب.. ولا دول!

دار الفلك بالعرب دورة كاملة خلال القرن المنصرم (بين 1920 و2020) فاذا بدولهم تعود الى أحضان الاستعمار والتبعية راضية مرضية.. حتى ليمكن القول، الآن، أن ليس ثمة دولة عربية واحدة متحررة فعلاً وأرضها نظيفة ومطهرة من رجس الاستعمار الأميركي أساساً والاسرائيلي بالتبعية.

فالقواعد العسكرية وبعثات “الخبراء العسكريين” تنتشر في معظم أنحاء الوطن العربي من أقصاه في شبه جزيرة العرب الى أدناه في لبنان..

واذا ما احتسبنا الكيان الاسرائيلي الذي يحتل بجيوشه وبالدعم الأميركي المفتوح فلسطين التي كانت (وستبقى) عربية، يتبدى أن مصر محاصرة سياسياً، فضلاً عن المعاهدات مع العدو الصهيوني التي تشل قدرتها على الفعل وممارسة دورها القيادي الذي كان لها منذ ثورة جيشها بقيادة جمال عبد الناصر في 23 يوليو / تموز 1952، والتي فتحت باب التغيير (والتحرر) في مختلف أنحاء المشرق العربي، ومن ثم المغرب العربي حتى لا ننسى ثورة المليون شهيد في الجزائر، أو ثورة الفاتح من سبتمبر (أيلول) 1969 في ليبيا.
القواعد العسكرية الأميركية تنتشر، إذن، في مختلف أنحاء المشرق العربي:

السعودية والامارات وقطر (مع قاعدة عسكرية تركية) والعراق وسوريا (خلال الحرب فيها وعليها، بالتواطؤ مع تركيا أردوغان..) مع “وجود رمزي” في قاعدة حالات، قرب جبيل على الساحل اللبناني.

مع ذلك تحتفل هذه الدول، عموماً، بعيد الاستقلال، ويستعرض الملوك والرؤساء والأمراء فرقاً من جيوشهم التي يرتدي ضباطها وأفرادها في الغالب الأعم ثياباً مشابهة لثياب الجيوش الأميركية ويحملون ـ أو يعرضون ـ دبابات ومدافع وسيارات نقل للصواريخ الأميركية.


لقد انتقل العرب، بل انهم نقلوا من حلم الوحدة بين أقطارهم، بعد استقلالها في الأربعينات والخمسينات والستينات الى عودة كابوس الارتهان لإرادة الخارج، بعدما حلت الولايات المتحدة الأميركية (واسرائيل) محل بريطانيا وفرنسا ـ الاستعماريتين ـ

اليوم، مع الأسف، لا استقلال ولا وحدة..

ولولا شيء من التحفظ لأضفنا: ولا دول.

المؤسف، بل المخزي، أن معظم العسكر الأميركي (والبريطاني والفرنسي والبلجيكي، كما كشفت الغارات الايرانية على قاعدتين عسكريتين أميركيتين في شمالي العراق وشرقه) قد دخل العراق بعد إسقاط نظام صدام حسين، والفوضى الهائلة التي ضربته مع “داعش” والانقسام بين العراقيين، وتخلي الدول العربية (التي أكدت وقائع الاحتلال الأجنبي) انها دول من ورق، أنشأتها المصالح الأجنبية بالعنوان الأميركي، بذريعة حماية منابع النفط والغاز..

المخزي أكثر ان هذه الدول التي يغطي ملوكها والأمراء رؤوسهم بالكوفية والعقال لا تعنيهم العروبة، ولا الأخوة مع “الأشقاء” من فقراء العرب، بل هم مع واشنطن، قلباً وقالباً، ذهباً أسود أو أبيض، بل انهم يعتبرون العروبة عبئاً ثقيلاً، ويحتفظون بالزي العربي (العباءة والكوفية والعقال) من باب التميز والتباهي على سائر اخوانهم من العرب الفقراء.. واستدراج “نفاق” أصحاب الفنادق والاستراحات والقصور في باريس ولندن وفيينا وبرن، قبل الوصول الى المنتجعات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، إضافة الى البيوت الفخمة في العاصمة الفيدرالية واشنطن.


غني عن البيان أن معظم المسؤولين في الدول العربية قد دفنوا رؤوسهم في الذهب أو في الرمال، وامتنعوا عن التعليق وكأن الأمر لا يعنيهم أو انه قد جرى ويجري في بلاد بعيدة تقع في عالم آخر.

.. ومن حق الرئيس الأميركي ترامب أن يتباهى بأن بلاده أغنى اليوم مما كانت، وأقوى.

وليس مهماً أن يذكره العرب بأفضالهم عليه: فبترولهم، وكذلك غازهم بين يديه، والناتج الذهبي يعود الى خزائنه، وهو يستطيع أن يباهي الدول بأنه الأغنى والأقوى والأعظم من ملوكهم ورؤسائهم والأمراء.

Exit mobile version