طلال سلمان

عالم عرب بنانيين تحاوروا تصحوا

بعد طوفان من التصريحات التي أعقبت مسلسلاً من اللقاءات العلنية والمستورة، والاتصالات الهاتفية »السرية« ربما لأنها »حميمة« بأكثر مما تسمح به اللحظة السياسية، أعطى الممثل الشخصي للقرار الدولي 1559، شهادة نادرة وغير مسبوقة لمؤتمر الحوار الوطني في بيروت!
قال الممثل الشخصي للقرار الذي فرض على لبنان من دون أن يطلبه، إن المؤتمرين قد حققوا إنجازاً تاريخياً، فجلسوا إلى الطاولة بغير رعاية دولية أو عربية، فتعارفوا وتصافحوا وتناقشوا وتمالحوا وتسامروا وتنادموا وتساروا واتفقوا حيناً، واختلفوا أحياناً فانقسموا لكنهم لم يفترقوا ولم يتخندقوا ولم يختصموا ولم يحتربوا، بل عادوا إلى الطاولة مشوّقين متلهّفين يتقدمهم الإصرار على حفر النفق في جدار الاستحالة للوصول إلى الوفاق الوطني المنشود.
ومع أن هذه الشهادة الدولية تعفي الممثل الشخصي للقرار الذي أخذ لبنان إلى الانشقاق السياسي الخطير، من مهمته الطارئة وبالتالي من منصبه الفخم بالمرتب المحترم وبدلات السفر المضخمة (برغم انه ضيف من يزورهم)، إلا ان ما قاله ينقض شهادته: ألم يعلن انه لم يكن على المؤتمرين ان يطرحوا ترسيم الحدود انطلاقاً من الإقرار بلبنانية مزارع شبعا؟! ثم ألم يترك الناس يفهمون أن طرح مسألة رئاسة الجمهورية خطأ تكتيكي؟!
على هذا سيستأنف المؤتمر جلساته اليوم مجللاً بشهادة جدارة دولية استثنائية!
أما القمة العربية التي بالكاد اكتمل نصابها فلم تجد في »المسألة اللبنانية«، بما فيها ما يتصل بالعلاقات بين دمشق وبيروت، ما يستحق إدراجها كبند على جدول أعمالها الطويل والمنقول بالحرف تقريباً عن القمة التي قبلها، تاركة لمؤتمر الحوار الوطني، بشخص رئيسه، ان يكمل ما بدأه مشكوراً، فيعفي الآخرين من هذه المهمة الثقيلة ويقطف الجوائز العالمية جميعاً من »نوبل« إلى »الأوسكار« إلى »المونديال« إلى بطولة »الشطرنج«.
.. وهي ستعلن غداً ان مؤتمر الحوار يغني عنها ويقدر على ما تعجز عنه!
أحد أمرين: إما أن قضية لبنان أسهل مما نعتقد وحلها من أيسر ما يكون وهي لا تحتاج مبادرات عربية أو قرارات دولية أو شفاعات ووساطات يتقاسم شرفها من تبقى من »العرب« مع »الدول« التي تكاد تختزل بواحدة..
وإما أن قضية لبنان أكثر تعقيداً وخطورة مما يقدّر المقدّرون، ولذلك يهرب منها الجميع ويرمونها على اكتاف اللبنانيين، ممثلين بالقيادات المتحاورة في المجلس النيابي الذي سقط في الامتحان »الخطي« ولم ينجح منه إلا رئيسه..
وهكذا فقد صدر عمن تبقى من »العرب« وعن الدول التي تكاد تختزل بواحدة، ما يوحي بترك الأمر لمؤتمر الحوار الوطني بشخص رئيسه الذي بات الآن يحمل التفويضين العربي والدولي، وعليه أن يكمل ما بدأه مشكوراً فيعفي الآخرين من هذه المهمة الثقيلة ويقطف الجوائز العالمية جميعاً من »نوبل« إلى »الأوسكار« إلى »المونديال« إلى بطولة »الشطرنج«..
في فهم هذا »التواطؤ« الدولي العربي على »تلزيم« حل المسألة اللبنانية إلى مؤتمر الحوار، يمكن اللجوء إلى واحد من تفسيرين: إما أن قضية لبنان بكل جوانبها، وأساساً العلاقات مع سوريا، وبالاستطراد »مصير« رئيس الجمهورية، أسهل مما نعتقد، وحلها من أيسر ما يكون، وهي لا تحتاج مبادرات عربية أو قرارات دولية أو شفاعات ووساطات ومساعي حميدة يتقاسم شرفها العرب و»الدول«..
… وإما أن قضية لبنان أكثر تعقيداً وخطورة واحتمالات تفجر مما يقدّر المقدّرون، ولذلك يهرب منها الجميع ويرمونها على اكتاف اللبنانيين، ممثلين بالمؤتمر و»رئيسه« النبيه..
والحل؟!
لا حل، بل نصيحة: تفاءلوا بالخير تجدوه!
ولعل ما يوحي بهذه النصيحة التي تراهن على وطنية اللبنانيين، ان هذا الإثنين الواقع فيه السابع والعشرون من آذار 2006، يصادف اليوم الأول من السنة الثالثة والثلاثين ل»السفير«.
وكل عام وأنتم بخير.

Exit mobile version