طلال سلمان

عادل حسين

تعب القتال ولم يتعب المقاتل… لكن الميدان ضاق على الفارس الذي ندب نفسه للقضايا الكبرى ووجد نفسه عند خط النهاية محاصرا بالتفاصيل الصغيرة المنهكة وبالرجال الصغار الثرثارين الذين يأنف من مبارزتهم، فأطلق صيحته الأخيرة وترجل، ومضى إلى المثوى الذي اختاره بغير وداع.
عادل حسين لن يملأ الدنيا صخباً ولن يشغل الناس بعد اليوم،
لقد ترك الدنيا لأهل الدنيا، بعدما أخذه إسلامه المتأخر إلى معارك شرسة ضد المقصرين في حفظ دينهم بالسياسة،
ومن قبل كان قد ترك الدين لأهل الدين بعدما كانت الماركسية قد أخذته إلى حروب ضارية ضد تاركي دنياهم لمن يأخذها منهم باسم الشعار الإسلامي.
رحل الماركسي الذي اشتد في الإسلام على المسلمين حتى ترحموا على »المناضل الشيوعي«، وإرث »مصر الفتاة« عن أخيه المتشدد على جميع المتساهلين مع المحتل الأجنبي ومع المستغل المحلي، ملكاً كان أم باشا أم من الأعيان، أم من تلك الأكثرية الساحقة التي تستسلم للأقوى تحت شعار أن »العين لا تقاوم المخرز«.
رحل عادل حسين وهو يحاول بما يؤمن أنه الحق، تاركاً الراية للثالث من هذه الذرية المقاتلة مجدي، ابن شقيقه أحمد حسين.
وهو لشدة إيمانه بما يعتقد استطاع أن يبني في سنواته الأخيرة حزبا من جريدة لم تكن قبله إلا واحدة من وسائل الزينة الديموقراطية لنظام الحزب الواحد.
لقد أفاد من تجربة ملهمه السياسي لينين في بناء الحزب بالجريدة، كما أفاد من تجارب الدعاة المسلمين الأوائل لمحاولة بناء حركة تغييرية شاملة عبر التبشير بتجديد الدين الحنيف.
ولا يضيره أن يكون النجاح قد أفلت منه في الحالين، يكفيه شرف المحاولة…
لقد انطوى صوت مصري آخر صرخ طويلاً في البرية، ثم رحل بغير أن ينحني، مكتفياً بأنه اجتهد فلم يصب أياً من الأجرين.

Exit mobile version