طلال سلمان

صور انتخابية في مواجهة نتنياهو

الصور لا تصنع انتخابات،
وأصحاب الصور الملونة وجوههم واللابسون لكل حالة لبوسها لا يصنعون سياسة ولا يحمون مواقف تجسد خيارات صعبة ولكنها ضرورية، ولا ينفعون في تأمين ظهر الحليف ولا هم يضيفون إلى قوته.
الصور صامتة وباهتة لا تكشف ما يضمره أصحابها، ولا تكفي لتغني عن البرنامج،
الصور لا تشكل وعدù بالخبز للمهصورين بالضائقة الاقتصادية، ولا تمنح شعورù بالأمان للقلق على غده وأبنائه، ولا تفتح أبواب المستشفيات، ولا تدفع أقساط المدارس الخ..
الصور قصاقيص ورق وأحبار ملونة تظل في الخارج، على الجدار، ولا تدخل المنازل ولا خاصة عقول أصحابها…
الصور طوفان من الابتسامات الباهتة والأوضاع أو »البوزات« الكاشفة للوسامة أو الأناقة أو الوجاهة، ولكنها لا تنفع في طمس الواقع أو تبديله في أي مكان، فكيف في بلد بعض أرضه محتل وكل مصيره معلق على التطورات والتحولات التي طرأت وتطرأ على الصراع العربي الإسرائيلي وتنقل وطأته من »خلف الحدود«، أي من »الخارج«، إلى »الداخل« بل وإلى داخل الداخل…
… وبينما المعركة الانتخابية محتدمة، في مختلف أنحاء لبنان بين المرشحين الصور، تقتحم إسرائيل نتنياهو المسرح بشعارها الحربي المجدّد: »لبنان أولاً«، فتفرض معيارù سياسيù عالي المستوى على »حفلة زجل« انتخابية كانت تتوالى فصولها الطريفة خارج السياسة تقريبù.
التوقيت مدروس تمامù وكذلك الشعار حيث دُسَّ السم في العسل…
وفي المعلومات أن هذا الشعار كان يطبخ منذ حوالى شهرين في مراكز القرار الإسرائيلية، وأن خطة طرحه واستثماره قد نوقشت مع الادارة الأميركية، وأن هذه الادارة هي التي أضافت كلمة »أولاً« للإيحاء بأن »عملية السلام« لن تتوقف كلياً مستثنية سوريا، بما يفضح الهدف الفعلي للشعار الاسرائيلي.
تبديل اللفظ لم يبدل طبيعة المعادلة التي يختزنها الشعار: الأمن اولا، ولعله »الامن اولا وأخيرا«… ففي هذا المجال يتخذ »لبنان« وضعه الأصلي في الحساب الاسرائيلي: انه مصدر المشكلة الامنية الأخطر، مع اضعاف او تعطيل عوامل او صواعق التفجير في الوضع الفلسطيني، راهنا.
أي ان نتنياهو يكمل بهذا الشعار خطته الاصلية »الأمن قبل السلام« ولا ينقضها.. بل لعله هنا يؤكد، مرة اخرى، ان ما يهمه فعليا هو الأمن الاسرائيلي، وانه غير معني بموضوعة »السلام« طالما انها لا تهدد ذلك الأمن.
وهو ببساطة تصل الى حد الصلافة يطلب من سوريا ان تضمن له امنه انطلاقا من لبنان، اي ان تحل له »المشكلة الأمنية« لاحتلاله في جنوب لبنان، فتبني بذلك جسور الثقة معه وتحصل منه على »شهادة حسن سلوك« قد تفتح مستقبلا باب التفاوض معها حول الأرض السورية المحتلة!
اي انه يدعو السوريين الى التواطؤ معه على اللبنانيين عموما وعلى المقاومة في لبنان خصوصا، والاشتراك معه في تأمين »الأمن للاسرائيليين«، وبعد ذلك (؟!) يمكن التفكير بما يهم سوريا سواء داخل حدودها او داخل خاصرتها الرخوة في لبنان.
هي ليست فقط دعوة صريحة الى »التفرد« و»الانفراد« والتخلي عن الشريك الأخير، بل هي أشبه بمذكرة احضار او »أمر عمليات« يوجه الى السوريين لحز رأس المقاومة في لبنان، بوصفها »عامل تخريب« او »منظمة ارهابية« تهدد الأمن الاسرائيلي الذي من دونه لن يكون لأي عربي سلامة او سلام، والذي اذا ما تحقق وتوطدت اركانه لا يعود »للعملية السلمية« اي معنى، وينتهي الصراع المفتوح »بانتحار« واحد من طرفيه المتواجهين!
نعود الى الانتخابات والصور الملونة والمرشحين خارج السياسة.

Exit mobile version