تقضي اللياقة وآخر ما تبقى من تقاليد العروبة أن نتوجه بالتعزية الحارة إلى “القادة العرب” وكلهم مسؤول وخطير، عن فشل “مرشحهم” للرئاسة في الولايات المتحدة الاميركية..
لقد لبَوا اشارته فهبوا اليه خفافاً على اجنحة طائرتهم الخاصة المصنوعة خصوصا للملوك والرؤساء والامراء والوجهاء النافذين في أربع رياح الدنيا، والمضاربون الكبار في اندية القمار ذات العضوية المذهبة.
كانوا متعجلين، مبهورين، مبغوتين لا يصدقون انهم، فعلاً، في حرم البيت الابيض في واشنطن دي سي”، وهم طالما حلموا أن يدخلوه وان يتنفسوا فيه عبق التاريخ والاحداث المحورية التي غيرت الكون، أكثر من مرة.
داروا التعبير عن دهشتهم ممزوجة بشيء من خيبة الامل: ” أهذا هو البيت الابيض، مركز القرار الدولي، حيث يتخذ ساكنه الذي لا حد لنفوذه ولا قدرة لأي كان من قادة الدول، كبراها وأعظمها قوة وأقدرها على المناورة بالدهاء وقوة النفط او بسعر الذهب وخطورة الجغرافيا توازي قدرة ساكنه يطل منه على العالم اجمع!
تنهدوا وهم يتذكرون قصورهم التي ورثوها من دون أن يعرفوا كيف تبنى وكم يتكلف انشاؤها، وعدد المرات التي استدعوا فيها اليها للنظر في مسألة خطيرة او شأن داهم. او لقاء ضيف كبير جاء يطلع على حضارتهم العريقة او يبلغهم بقرار من شأنه أن يغير في الخرائط والمصائر على مستوى الكون.
جاء من يأخذهم إلى الرئيس الاميركي دونالد ترامب. تقدمهم حتى وصل اليه حيث يقف.. وعانى صعوبة في النطق بأسمائهم بالإنكليزية، اما الالقاب فترجمتها مسألة سهلة .. والسيد الرئيس سبق أن زار بلاد العرب اوطاني وهو يعرف شيئا ما عن التسميات والالقاب ودلالاتها..
كان “الرئيس ” يهز رأسه مرحباً وهو يمد يده ليضغط بها على ايدي ضيوفه بينما يضيء البرق الصادر عن اضواء كاميرات التصوير.. وكانوا في حيرة من امرهم: هل يتقدمون ام انه هو من سيتقدم اليهم مرحباً.؟
ثم هل يبتسمون فرحاً وغبطة كونهم دخلوا هذه الجنة حيث يقرر ساكنها مصائر الدول، بالملوك والرؤساء والوزراء اصحاب او ناقلي القرارات الخطيرة..
خطر ببال الاصغر سنا بين الضيوف أن يتسلل إلى غرف النوم ليرى “الجواري” ويا حبذا لو وجدهن عاريات وجاهزات لتكريم الضيوف الذين جاءوا يبيعون الكفافي البيض و “العقل” المذهبة.. ثم انتبه انه “ضيف السيد الرئيس” وانه في البيت الابيض، وليس في “القصر الاخضر”، فتمالك نفسه وعاد إلى حيث ينتظره المصورون ليسجل انتصاره العظيم على العروبة، بالكوفية والعقال والدين الاسلامي بالرسول محمد بن عبدالله والقرآن الكريم، والكعبة المشرفة ومعها ايضا المدينة المنورة..
ذلك عصر مضى وانقضى..
لم يعرف النبي ولا الصحابة ولا الخلفاء الراشدون ” بيتا ابيض” كهذا، بل انهم لم يدخلوا في حياتهم مثله..
انتبه إلى الرئيس الاميركي ينظر اليه بإعجاب، ونتنياهو يتلهف للقائه .. فكر، ثم قرر أن تكون الحفلة بلا عناق- وهكذا مد كلتي يديه يصافحه ويرطن بالكلمة العبرية الوحيدة التي يعرفها : شالوم!
وفوجئ بنتنياهو يخاطبه بالعربية: وعليكم السلام، أيها المخلص في طلب السلام!