طلال سلمان

صفقة القرن تكشف الحقيقة المغيبة: الوطن العربي تحت السيادة الاميركية ـ الاسرائيلية

..وها هو الفيلد ماريشال السوداني عبد الفتاح البرهان يسير على خطى الرئيس المصري الراحل انور السادات: يلتقي رئيس حكومة العدو الاسرائيلي نتنياهو في اوغندا، وسط ترحيب اميركي وصمت التواطؤ العربي، وارتباك الخرطوم حكومة ضمنها ما كان “مجلس قيادة الثورة” التي اطاحت البشير، قبل شهور قليلة.

قبل هذه الواقعة بأيام، وفي البيت الابيض بواشنطن كان ثلاثة من ممثلي النظام العربي في الخليج، البحرين ودولة الامارات وقطر، يجلسون في الصف الاول للاستماع إلى الخطبة العصماء التي القاها الرئيس الاميركي دونالد ترامب، في حضور رئيس حكومة العدو الاسرائيلي نتنياهو ـ والى جانبه زعيم المعارضة في الكنيست ومنافسه على رئاسة الحكومة بيني غانتس.

أما موضع الخطبة فكان تقديم “صفقة القرن” إلى العالم..

والموجز الحقيقي لهذه الصفقة هو تقديم ما تبقى من ارض فلسطين، ومعها الاغوار على نهر الاردن (تحت سطح البحر) إلى الكيان الاسرائيلي… على أن تربط سلسلة من الانفاق بين شرقي القدس ونتف من الضفة الغربية وقطاع غزة، لتكون هذه النتف المقطعة والخاضعة جميعاً للسيادة الاسرائيلية هي الكيان السياسي العتيد للشعب الفلسطيني!.

عملياً، لا ردود فعل عربية: مصر اسيرة كمب ديفيد، والاردن اسير وادي عربه، ولبنان غارق في عجزه يحاول شعبه، عبثاً، العثور على دولته.. وسوريا تقاتل الارهاب والتدخل العسكري التركي لاقتطاع ادلب وما خلفها، والروس يحاولون حفظ دورهم في سوريا مع حرص على عدم الاصطدام مع تركيا اردوغان.. أما العراق فطبقته السياسية المستولدة قيصرياً بعد الاحتلال الاميركي في العام 2003 فتعجزها انقساماتها الطوائفية ذات الابعاد السياسية عن تشكيل حكومة جديدة، والرئيس “الكردي” يحاول الحفاظ على التوازن الهش، ورئيس مجلس النواب “السني” يتجنب التدخل حتى لا يتهم بإيقاظ الفتنة النائمة!..

فأما المغرب العربي فبعيد جداً، ومشغولة دوله بأوضاعها الداخلية: ليبيا “تبخرت” كدولة، وتونس تحاول حماية تجربتها الديمقراطية في ظل الفقر، والجزائر تسعى للتحرر من حكم العسكر وترميم الديمقراطية فيها، والمغرب بعيد بعيد، يفضل أن يتعامل مع النتائج من دون التورط في المقدمات!

..واما ابو مازن ـ رئيس السلطة التي لا سلطة لها ـ فذاهب إلى حائط المبكى العربي في الامم المتحدة ليكرر كلاماً انشائيا لا يسمعه احد.. وخصوصاً، شعب فلسطين!


ها هو الرئيس الاميركي دونالد ترامب يتجاوز وزير خارجية بريطانيا العظمى اللورد بلفور فيعطي من الارض العربية، فلسطين، لمن لم يكن في اي يوم صاحبها او ساكنها، الاسرائيلي، “دولة” ستغدو الاقوى في محيطها، بل في الاقليم جميعاً، إذا ما انتبهنا إلى الوقائع الدامغة التالية:

مصر مكبلة بمعاهدات كمب ديفيد وتطبيقاتها، وآخرها انها تشتري الآن الغاز من العدو السابق والجار اللدود الحالي: اسرائيل، وسوريا غارقة في دماء اهلها، والعراق تائه عن الطريق إلى الدولة القوية والقادرة، ولبنان يعزز صموده في ظل ارتاك طبقته السياسية وعجزها عن حل ازماته الداخلية.


يتبدى المستقبل العربي غارقاً في ليل العجز: الاغنى من العرب، اثرياء بعد فاقة، يريدون التمتع بثرواتهم بعيداً عن حروب التحرير وضرائبها الثقيلة، عدوهم الاول هو الأخ الشقيق الطامع بحصة له من ثروتهم، وصديقهم من يحميهم ـ بدولهم ذات الثروة ـ بغض النظر عن هويته وكلفة هذه الحماية.

والصورة التي وزعها البيت الابيض غاب عنها بعض شركاء القرار من قادة العرب: مصر والسعودية والسودان (رسميا) وان كانوا حاضرين ضمنا، منهم من اعترف ولإسرائيل سفارة في عاصمته، ومنهم “يتعامل” من دون اعتراف رسمي، والبعض في الطريق.

…و”السلطة” وليدة التخاذل العربي إلى حد الخيانة، فهي لا تملك من امرها شيئاً، وبوسع العدو الاسرائيلي أن يمنع رئيسها الانيق واعضاء فريقه الذين يتقنون الكلام ويهتمون بأناقة الملبس، من الظهور والتنقل داخل ما “اعطي” للسلطة التي لا سلطة لها من ارض فلسطين..

اما الدول العربية فبعضها قد اختار الخروج من حومة الصراع، حتى لو اتهم بالخيانة، والبعض الاخر لا يقدر على تكاليفه لانشغاله بأثقال همومه الداخلية.

…والقوات العسكرية الاميركية، فضلاً عن الهيمنة السياسية والاقتصادية، تنتشر في معظم ارجاء المشرق العربي: في العراق، حيث لها قواعد عسكرية ثابتة، وفي شرق سوريا قرب منابع النفط، وفي اقطار الخليج جميعا، الكويت والامارات، وقطر والبحرين فضلاً عن المملكة العربية السعودية.. ولها معاهدات صداقة مع مصر، وكتائب عسكرية ـ مدنية في ليبيا، ووجود سياسي كثيف يغطي التعاون العسكري مع الغرب وموريتانيا..

الاميركان في كل مكان من الوطن العربي تقريبا، حتى لبنان ـ لكي لا ننسى قاعدة حامات عند شاطئ كسروان ـ جبيل.

على هذا فلا وجود للاستعمار وقوات الاحتلال في هذه المنطقة الا في البر والبحر والفضاء،

واسرائيل هي الشريك الكامل، مباشرة وبالواسطة في مختلف ارجاء الوطن العربي.


وطني لو شغلتُ بالخلد عنه ……………. لنازعتني اليه في الخلد نفسي!

تنشر بالتزامن مع السفير العربي

Exit mobile version