طلال سلمان

صرت عيدنا السنوي

لا تتسع لك القاعة، يا سيد، ويظل صوتك هو الأعلى، وتظل »قضيتك« هي الأسمى، يمر بها الزمن فيعطيها شمسه ويأخذ ليله اولئك الذين في الليل يسكنون ويحاولون مد عتمته على عشاق النور والخير والتقدم والحب البلا حدود.
لست من الماضي، ولن تكون، يا سيد، فها ان تلامذتك والأبناء، قادة ومجاهدين، أهل علم وأهل أرض، يستولدون بصمودهم فجر التاريخ الجديد لدنيانا التي أراد الغريب العادي والمحلي الغافل بالتواطؤ مع المنتفعين من التخلف، تجار الفتنة، شركاء الشياطين، ان يستولوا على يومها وغدها وأن يعيدوا أبناءها الى الجاهلية.
بعد ثلاثين عاماً ما زلت، يا سيد، عصياً على الموت وأكبر من أن يتسع لك الغياب… بل إن حضورك بات شفافاً ومضيئاً كصفحة من مصحف عتيق يضفي عليها التداول اليومي قبساً من نور النص المقدس.
ما زلت، يا سيد، »قائداً« في لبنان، و»إماما« بين عامة المسلمين، وفكرا مشعاً تستنير به »النخب« فتقتحم باسمك ذلك الركام من التهافت المترسب من عصور الفتنة… اما الجمهور الذي اقتحمت به أسوار المحصنين بالزي الديني ولا دين، ومعاقل السلطة التي لم تكن غير تسلط مموه بشرعية مزوّرة، فإنه الآن أشد عزيمة وأمضى إرادة حتى لقد انتصر على أصل الشر: العدو الاسرائيلي المدجج بالدعم الاميركي المفتوح واستسلام المدنفين بعشق الهزيمة من حكام الظلام والمجتهدين لاغتيال النور في دنيا العرب والاسلام.
»المحرومون من وطنهم« و»المحرومون في وطنهم« ما زالوا يواصلون مسيرتهم، وكذلك الخارجون من طوائفهم الى الدين ومن عصبياتهم الى الوطن، ومن تحزبهم الى الأفق الإنساني المفتوح، حيث كلمة الله واحدة، فإذا حب الوطن من الايمان، حقاً، وإذا بالايمان تبنى الأوطان… وإذا أنت في ذلك جميعاً.
لقد خافك في الماضي، وما زال يخافك اليوم، يا سيد، كل الذين يريدون ان تبقى »السلطة« تسلطاً، وكل الذين يكرهون »الشعب« ويحتقرون »العامة« ويتسلحون بالعصبيات، مذهبية وطائفية وعائلية وجهوية حتى لا يكون وطن ولا تكون دولة.
صرت عيدنا السنوي، يا سيد، وأنت قبله وبعده في يومنا وفي غدنا، ولن تغيب مهما استولد أهل الظلام من أنواع العتمة حتى يطمسوا طيفك الذي ـ كما الشمس ـ يطل يومياً مع الفجر.

Exit mobile version