طلال سلمان

سفير فتنة

تجاوز السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان الخطوط الحمر في تدخله الفظ في الشؤون الداخلية اللبنانية، وتكشف في تصريحه، أمس، عن داعية للفتنة.
وإذا كان السفير فوق العادة يتصرف في قلب الفراغ على قمة السلطة، انطلاقاً من قاعدة خلا لكِ الجو فبيضي واصفري ، فإنه بالأمس، قال ما لا يجوز السكوت عنه، أو التهوين من خطورته على السلم الأهلي.
لقد قبلت السلطة البتراء من هذا السفير الذي نصّب نفسه حاكماً عرفياً للبنان واللبنانيين كل تجاوزاته الفظة وكل تدخلاته غير المشروعة في الشؤون الداخلية، وفي العلاقات اللبنانية السورية، وكذلك في العلاقات اللبنانية الفلسطينية.
وتغاضت هذه السلطة البتراء عن توغل هذا السفير في جراح اللبنانيين، وتنصيب نفسه مرجعاً دستورياً وقاضياً ومشرِّعاً وحاكماً إدارياً..
أما أن يصل التجاوز على الأعراف والقوانين والأصول بهذا السفير الوقح إلى حد تنظيم الفتنة في لبنان، فهذا أمر لا يمكن السكوت عنه واعتباره غلطة أو زلة لسان.
لقد وجّه السفير الأميركي، أمس، إلى حزب الله مجموعة من النصائح والمواعظ والإرشادات لكي يعتمد الطرق الشرعية، السياسية، الاجتماعية والدستورية فقط لكي يبقى إحدى أقوى المنظمات السياسية في لبنان إن لم يكن الأقوى.. .
وبعدما استدرك سعادته بأن هذا الحال قد لا يعجبنا، نحن الأميركيين، لكنه أمر واقع ، فإنه أضاف فقال: إن حزب الله يصر على المحافظة على نفوذ إرهابي دولي بعد أن أظهرت آخر المعلومات (!!) وجود خلية له في العراق تدرّب إرهابيين لمهاجمة السنة !!
من باب التمويه كان على سعادة السفير أن يضيف إلى السنة قوات التحالف … أي قوات الاحتلال الأميركي ومَن معها من الأتباع!
إن هذا الموقف يتجاوز الحصانة وسائر الأصول الدبلوماسية فضلاً عن تجاوزه المنطق والواقع والحقائق المعلنة.
ومع أن مناقشة هذا التحريض المكشوف قد تسقط في خانة الترويج له، إلا أن المستمع إلى معلومات سعادة السفير أو قارئها لسوف يسأل بسذاجة: وهل يذهب رجل فرد إلى مبعدة آلاف الأميال لكي يثير الفتنة في بلد آخر؟! وهل قصّر الاحتلال الأميركي في بذر الفتنة بين العراقيين الذين تملأ جثث اقتتالهم العبثي الطرقات فلا تجد من يدفنها؟!
إن الفتنة سياسة رسمية معتمدة لكل احتلال، وإن كان الاحتلال الأميركي قد أثبت أنه الأغبى والأكثر وحشية…
لقد تجاوز السفير الأميركي الحد،
لقد صار داعية للفتنة، وعلى هذا الأساس يجب أن يعامل… لو أن في من تبقى من أهل السلطة في لبنان الحد الأدنى من الشعور بالمسؤولية عن هذا الشعب المبتلى في حكمه كما في داعمي حكمه، ولو صار البلد خراباً أو أثراً بعد عين!

Exit mobile version