كيف أتاه الموت هذا الهادئ المتمهل كمن يرشف الحياة بتلذذ منصرفاً عن همومه إلى تقبل الصعب برحابة صدر تعززت من ثم بالدبلوماسية بحكم التطبع بطباع صاحب السعادة السفير؟!
لم يعرف العبوس، بل كانت تلك الابتسامة المرحبة تضيء وجهه وتتقدمه كبطاقة تعريف وتحية.
خدم السفير ريمون بعقليني لبنان في مواقع كثيرة، بينها على وجه التحديد ليبيا، ولسنوات، حيث لا مجال واسعاً للدبلوماسية والدبلوماسيين… لكنه وجد لوقته ما يشغله عن طريق الاهتمام بأبناء الجالية، وكان عددهم يقارب الأربعين ألفاً، يتهددهم اختلاف الأمزجة والتبديل العشوائي للقرارات ونظام الاقامات، فكان مرجعاً طيبا لأولئك الذين ذهبوا يشترون بعرق الجباه غداً أفضل لأسرهم.
من أقصى أوروبا، النروج، إلى أقصى أميركا، كندا، عاش ريمون بعقليني في خدمة مواطنيه فصار مرجعهم من غير ان يميز بينهم على أساس سياسي او طائفي او مزاجي.
لقد عاش ريمون بعقليني حياته بهدوء، وانشأ أسرة طيبة، وان بقي دائماً يتحرك في الضوء المنبعث من عيني شقيقته السيدة لبيبة بعقليني التي كانت تنافسه في عدد المحبين ومقدري «أبناء البيوت» لسبب جوهري هو: الود العميق الذي يشكل الرابطة مع الناس، كل الناس.
لك الرحمة أيها السفير الصديق، ولأسرتك جميل العزاء.