مضى الرجل الذي أحيا في ذاكرتنا المأساة التي يجب ألا ننساها أبداً. غادرنا، أمس، بلا وداع.
خسرنا الصديق الكبير الذي كان يذكرنا بواجبنا، فيأتي على حسابه لكي يؤكد التضامن في وجه السفاحين.
فمع الرحيل المفاجئ لستيفانو كياريني خسرت قضية الشعب الفلسطيني مناضلاً صلباً من أجل حريته وحقه في دولة على أرض وطنه، هو الكاتب والصحافي الايطالي المعروف ستيفانو كياريني، محرر صحيفة المانيفستو ، جريدة الحزب الشيوعي الايطالي.
ويعرف اللبنانيون عموماً، والفلسطينيون في لبنان على وجه الخصوص، هذا المناضل ذا الوجه الصبوح بابتسامته المشرقة والعينين الدافئتين، في موعده السنوي الثابت: 14 ايلول… اذ كان يأتي على رأس وفد يجمع في أفيائه العديد من مناصري القضية الفلسطينية من اركان المنظمات والهيئات الشعبية في ايطاليا وبعض انحاء اوروبا، لإحياء ذكرى شهداء صبرا وشاتيلا الذين قتلوا او دفنوا أحياء في مذبحة جماعية هائلة نظمها جيش الاحتلال الاسرائيلي، بقيادة السفاح أرييل شارون، مع بعض عملائه من اللبنانيين أثناء اجتياح .1982
كان ستيفانو يأتي، دوريا، ثلاث مرات خلال السنة للإعداد لهذه الزيارة السنوية المؤكدة، تضامنا مع الضحايا اللبنانيين والفلسطينيين الذين اغتالتهم الوحشية الاسرائيلية.. ثم يصحب الوفود التي تجيء معه لأداء الواجب السنوي، في جولة على المخيمات الفلسطينية في بيروت والجنوب، وقد أضاف إليها بعد تحرير المحتل من أرض لبنان في العام ,2000 جولة على المناطق المحررة، مع زيارة خاصة لمعتقل الخيام، الذي شهد بدوره بعض إنجازات الحضارة الاسرائيلية .
ولقد رحل ستيفانو مبكراً، إذ أنه لم يتجاوز الخامسة والخمسين من عمره، وقد أمضاه في النضال من أجل المقهورين والمضطهدين في بلادهم في مختلف انحاء العالم..
البداية كانت بدعم الضعفاء الذين لا يملكون منازل، في روما نفسها.
وحين باشر العمل في الصحافة اعطى الكثير من جهده لمنظمة ايرا الايرلندية.
لكن حبه الاعظم كان للشرق الأوسط، وللفلسطينيين بالذات، بعد خبرة واسعة في العراق ومعاناته في ظل الاجتياح الاميركي الاول بعد غزو الكويت.
وكان فخوراً جداً باللجنة التي أنشأها كي لا ننسى صبرا وشاتيلا والتي منحنا شرف مشاركته اسبوعاً سنويا حافلا بالانشطة، خصوصاً بعدما تولى حزب الله رئاسة بلدية الغبيري.
لقد زرع زيتونة وشجرة برتقال، في مقبرة الضحايا..
وستبقى ذكراه صافية كزيت زيتون فلسطين ومعطرة كشميم أرضها الطاهرة، ومعها أرض لبنان بعدما حررتها دماء أبنائه من آثار الاحتلال الاسرائيلي.
