عاش العرب زمن وباء كورونا متباعدين أكثر منهم في زمن “الصحة تمام” و”عافاك الله” و”عساك بخير”.
لم يتصل المسؤولون بدولة وصلها الفيروس الخطير الذي قد يأخذ المصاب إلى الموت لتعرض المساعدة في رصد “جرثومة الكوفيد 19” والتعاون في ما استجد من اسباب العلاج.. كما فعلت الصين مع روسيا، مثلاً..
الكلفة اهم من الاخوة.. والاهتمام بالرعية، وإنقاص اعداد المصابين بالوباء، أجدر من الاهتمام بروابط الدم والجيرة. يا رب نفسي!
فشلت سياسة الانكار، فبدأت بعض الدول تنشر ارقاما منقوصة عن اعداد المصابين بالوباء (منعاً للشماتة… والاقربون هم اول الشامتين)..
الدواء هو التكتم… لكن للموتى اصواتاً من الوجع تبلغ دور الاشقاء المجاورة، مع الجرثومة حاملة الوباء..
اختفى “مجلس التعاون الخليجي”، او نادي اغنياء العرب بالنفط والغاز، ملتحقا بجامعة الدول العربية، وسائر المؤسسات المنبثقة عنها والغائبة عن الوعي كما عن الفعل، وان استمرت رواتب المسؤولين في هذه “التركيبات” تصلهم بانتظام.. مطهرة، حتى لا تحمل إليهم الجرثومة القاتلة.
لا وقت لإضاعته في اجتماعات التشاور واجراءات التعاون… كورونا على الباب، فلينظف كل بيته، وليحقق اسباب السلامة لشعبه، ومتى تأكد خلو الدول من الوباء القاتل، يمكن العودة إلى احضان جامعة الدول العربية المحصنة ضد الداء بالإقفال المطلق.. منذ زمن بعيد!
“يا رب نفسي!” ولينتظر الداء الوبيل خلف الابواب المغلقة في وجه موجبات الاخوة حتى يجيء زمن الشفاء فتتسع مجالات التعاون حتى …الوحدة!
لقد انعكست الآية، فالقاعدة في ايام كورونا: “ليس على السليم حرج”..
انها حياة في قلب الموت، او على شواطئه.. ولقد تصاغرت الدنيا، بقاراتها جميعاً، على اتساعها عابر المحيطات والقمم المثلجة والبحار ذات الامواج، امام هذه الجرثومة الكامنة في اجساد البشر، والمحصنة في مجابهتها داخل الداخل، لا يراها الا العلماء من خلال اعراضها، فيعملون بخبرات اولية تتزايد بالتجربة والخطأ، والحصار بالوحدة.. والدعاء، انطلاقا من قاعدة “صوموا تصحوا”!. خصوصا وان هذه الجرثومة القاتلة لا تعرف التعصب، وتتجاوز الجنس واللون لتحقق المساواة المفقودة بين البشر، والتفريق بينهم بحسب انتماءاتهم الوطنية وبين الذكر والانثى.
روسيا تستنجد بالصين، بوصفها حقل التجربة الاول، والتي صمدت في مواجهة الوباء، وتحداه رئيسها شى جين بينغ فذهب إلى مدينة ووهان ليتفقد الضحايا وليبث شجاعة الصمود في نفوس اهلها. فتنجد بكين موسكو بأصناف العلاج الذي ابتدعته عبر التجربة والخطأ، والذي أسهم في وقف زحف هذا الوباء القاتل.
بالمقابل واجهت الدول العربية الوباء، بداية بالإنكار.. ثم اخذت تعترف بالإصابات بين رعاياها، على استحياء، مع محاولة لانقاص اعدادهم، كأنما الوباء سر حربي، خصوصا وانها لا تطيق هذه السيولة التي تجتاج فيها زيادات النسل المحظورات، وتشكل خطراً مستقبليا على رفاهية الحكام وابنائهم واحفادهم الذين اختصهم الله العلي القدير بالثروة والقدرة على شراء .. الكون!
انسَ شعارات النهوض واحلا شبابك في الوحدة والتقدم والعزة.
اغلق الباب على نفسك واحلامك حتى يجيء الفرج.. ولا تفتح الباب حتى لأخيك إذا جاء اليك من دون كمامة. حياتك هي الاهم.. والغد يوم آخر، وصلات الرحم باقية، لن تقتلها جرثومة كورونا، فان من يتبقى سيعيشون بأمان.
تابع ارقام المصابين على شاشات التلفزة: أن هذه الجرثومة لا تعترف بالحدود، ولا تتوقف امام الاعمار، ولا هي تميز بين الاعراق والاجناس، لا تشفق على حامل ولا ترحم عجوزاً، لا تتهيب امام الثروة، ولا تخاف ممن يهتمون بالتدريب على المصارعة والعاب القوى، لا ترحم ابطال الكرة ولا هواة الصيد ولا حتى رجال الدين، بغير تفريق بينهم على قاعدة الطائفة او المذهب او اديان ما قبل الاديان السماوية الثلاثة.
اغلق الباب على نفسك. يكفي الهاتف (المطهرة سماعاته) للحديث مع الابناء والاحفاد والاصدقاء. قد تفيد الثرثرة في تناسي الوباء مع انها ستكون عنه وعن اخباره في الداخل والخارج، فهو قد احتكر وسائل التواصل الاجتماعي من اذاعات مسموعة او مرئية: صار الخبر، والتحقيق، ومصدر النكتة والكاريكاتور، فضلاً عن اجتياحه صفحات الوفيات (مع اغفال اسبابها..)
ارتدِ قناعك لتحجب خوفك على نفسك من نفسك ومن اهلك واصدقائك المقربين. يا روحي ما بعدك روح.
على أن لـ”كورونا” كما لكل وباء، فضائل عدة، من نوع: “لا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى”.. فهو لم يفرق بين الصيني (بلونه الاصفر) والاميركي (سواء كان ابيض البشرة ام اسود بقلب ابيض)، والعربي بسمرته حتى لو كان يحب الشقراوات!
لتكن الابتسامة سلاحك. ابحث بين اصدقائك عمن يجيدون النكات والاخبار المفرحة.
احتفظ بحب الحياة، ودع قلبك يخفق بالحب على مدار الساعة.
الحب هو الدواء. الحب هو العلاج الشافي. الم يقل اجدادنا، من قبل” أحبوا تصحوا”.
وعلى طريقة “قضاء أخف من قضاء”، فان اخبار كورونا على ثقلها بأعداد من رحلوا إلى جوار ربهم، ام ما زالوا ينتظرون وما بدلوا تبديلا، فان العالم قد شهد من الولادات ما يعوض المليون ممن ضربهم هذا الوباء الوبيل.
فالحياة لا تتوقف.. والوباء من التجارب القاسية، لكن الانسان سيعرف كيف سيقضي على هذا الوباء باكتشاف سبل علاجه..
فالإنسان هو الاقوى، بعلمه، ودراساته الجادة، وخبراته المتراكمة عبر العصور..
وعسى يكون لعلماء العرب نصيب في اكتشاف الدواء واسباب العلاج، كما كان لابن سينا والقوصاني والحلفاوي من انجازات في حفظ صحة الانسان، وحماية الحياة.
ولتكن لك الصحة. لنحتفل معا بانتصار الانسانية على هذا الوباء الذي سنقدر على الحاق الهزيمة به وحفظ كرامة الانسان، كما انتصر الانسان على اوبئة الماضي، بكل اثقالها وضحاياها.
تنشر بالتزامن مع السفير العربي