طلال سلمان

رمزي النجار يعيد “الله” إلى لبنان!

يكاد “الله” يكون يتيماً في لبنان.

فلكثرة ما يخترع اللبنانيون من “الآلهة” يكاد “الله” الحقيقي يكون بلا نصير.

وربما لهذا كتب رمزي النجار دعوة شخصية “كي يعود الله إلى لبنان

لم يتعب رمزي كثيرا لاكتشاف ان “الله” حتى في لبنان واحد، وإن كانت مؤسسة الطائفية تحاول أن تجعله “متعددا” وأن توزع على أتباع كل “مذهب” أو “طائفة” نسخة منقحة ومزيدة عن “الله” مختلفة عن تلك التي يتعبد لها “الآخرون.

الطائفية عدونا، وقد اخترت ان أواجهها من زاوية جديدة تختصر نفسها في هذا السؤال: لماذا يغيب الله عن لبنان، فلا نسمع عنه في تعليمنا الديني قدر ما نسمع عن طقوسه، وعن رجال لاهوته أو فقهه؟!… وكيف يعقل ان تغيب فكرة الله وتتلاشى ويستعاض عنها، كما في حربنا الأخيرة بنقيضها، حيث الصورة في ذهننا هي صورة للقديسة مريم تزين بندقية قناص، أو الله عز وجل في قرآنه الكريم يتلى على نصل سكين في يد جاهل، أدركه الإسلام وما فارقته الجاهلية”.

ولقد فاجأني رمزي النجار كاتبا، كما فاجأني موضوع اهتمامه، ومن ثم كتابه.

فرمزي النجار يعرفه الناس من خلال نجاحه في دنيا الاعلان أكثر مما يعرفونه كأستاذ جامعي، و”يستدرجونه” الى مجالسهم للاستمتاع بظرفه وطرافة تعليقاته وتورياته الفضّاحة لسرعة بديهته، وهو ما لا يعرفه عنه مثلا طلابه في كلية الإعلان بجامعة الألبا (البلمند) وهو في الأصل من مؤسسيها والآن عميد دائرة التسويق فيها.

رمزي النجار وضع إصبعه على مصدر تعدد “الآلهة” في لبنان، وعلى أحد أسباب “حروبهم ” المتواصلة التي تلتهم اللبنانيين برغم انهم من أقل الشعوب تديناً في العالم، وأبرز دليل على “صحة” إيمانهم حروبُهم “الدينية” التي تكرر تفجرها على امتداد القرنين الماضيين لأغراض سياسية معروفة وبشعارات طائفية ملتبسة.

كذلك فإن كتابه “المتفجر” يعيد الى الذاكرة التجربة الشخصية لكل منا في كيف تعلم أو عرف عن دينه وممن وبأي قدر من الموضوعية، خصوصا إذا ما تم التنبه الى تعدد المدارس الطائفية، والى طبيعة المدرسين أو المربين فيها الذين لم يتصل بعلمهم ولا بعلم الفتية أن ثمة أدياناً أخرى، ولا هم قبلوا ببساطة مبدأ ان “يشركوا” الآخرين في إلههم او ان يكون للجميع »إله واحد« كما يدّعي كل على حدة، ثم يهرب بإلهه الخاص الى من لا يؤمن إلا به وحده بعيدا عن الآخرين.. ونكاية بالآخرين!

كتاب صغير مثقل بالقضية الكبيرة التي يطرحها والتي ستظهر رمزي النجار مؤمناً بين كفار أو كافراً بين مؤمنين، ولكن لكل منهم “إلهه” الذي اصطنعه بنفسه، فصار به خالقا وقد كان مخلوقاً!.

*****

رحم الله هذا “الشاب” الذي كنت اعتقد انه لن يشيب ولن يموت.. وكل من عليها فانِ .. ولا يبقى الا وجه ربك ذي الجلال .

ولسوف تبقى ذكراه حية في قلوب كل من عرفه.

Exit mobile version