طلال سلمان

رصاص خطا سياسي يصيب مع لبنان فلسطين

تقتضي أمانة الأخوة أن نرفع الصوت لنرد جماعة »فتح الانتفاضة« عن الغلط الفاحش الذي ارتكبوه ضد لبنان، ممثلاً بجيشه، في الأيام القليلة الماضية.
غير مقبول بالمطلق، وبمعزل عن المعاذير والادعاءات، أن يوجه هؤلاء المقاتلون الذين تمنعهم حواجز كثيرة من الوصول إلى ميدانهم الأصلي في فلسطين، بنادقهم إلى من كانوا وما زالوا في موقع رفاق السلاح.
وفي أي مقارنة مبسطة يمكن القول براحة ضمير إن الجيش اللبناني، أقله منذ إعادة بنائه بعد العام 1990، وحتى اليوم، قد لعب من موقع وطني دور المساند والمعزز لجهد المقاومة الباسلة في تحرير المحتل من أرض لبنان… وهي هي المقاومة التي أنعشت الانتفاضة في فلسطين وزخمت حركة جهادها في مواجهة العدو الإسرائيلي.
وبالتأكيد فإن أهالي عكار الذين توافدوا إلى بلدة »بقرصونة« لتشييع شهيدهم مصطفى مثلج كانوا مثقلين بحزنين عميقين: الأول ناجم عن شعورهم بأن »الأخوة من فتح الانتفاضة« قد تحوّلوا من مشاريع شهداء من أجل تحرير فلسطين إلى تائهين عن هدفهم الأصلي بحيث يوجهون رصاصهم إلى شقيقهم وحليفهم وسندهم اللبناني… هذا فضلاً عن حزنهم الطبيعي على شهيدهم الذي سيوظف دمه ضد »القضية« وهو ابنها ونصيرها.
ثم ان هذا الخطأ العسكري سوف يستولد خطيئة سياسية فاحشة: ففي حين تبذل جهود دولية حثيثة لسحب لبنان إلى موقع مناقض لهويته ومناف لطبيعة شعبه، وتركّب له »قضية« لا يكاد يفرغ من نظرها مجلس الأمن الدولي حتى يعود إليها ليبني بقراراته الهمايونية سداً بين هذا البلد الأمين وبين عروبته، مستفيداً من أخطاء الإدارة السورية لشؤونه في فترة سابقة، وتأتي مثل هذه الانتهاكات لكرامة جيشه التي تكرّر صدورها، في الآونة الأخيرة، عن بعض المنظمات الفلسطينية التي تحظى في دمشق ومنها برعاية استثنائية لأسباب سياسية مفهومة، فتزيد في »مبررات« إقناعه بأن »الدول« أرحم به من أهله.
إن من حق لبنان على الفصائل الفلسطينية المسلحة، سواء المقيمة فيه أو في سوريا، أن يطلب إليها مساندته بدلاً من الإساءة إليه بينما هو يعاني مسلسلاً من الأزمات ويرزح تحت كمّ هائل من الضغوط لإخراجه من جلده ومن دوره.
إن هذا الاعتداء على الجيش اللبناني هو اعتداء على فلسطين القضية، وعلى العلاقات اللبنانية الفلسطينية، التي تحتاج إلى عناية فائقة حتى لا تتدهور فتؤذي الطرفين الشقيقين.
وظلم لوطنية لبنان، وهي هي عروبته، أن يفرض عليها أن تقاتل خصومها في مجلس الأمن الذين يريدون تحويل الخلاف المفهومة أسبابه والواجب علاجها مع سوريا، إلى »حرب« مفتوحة بينما يخطئ الشقيق الفلسطيني هدفه فيصيبها رصاصه في ظهرها.
ولا يفيد الاعتراف بالخطأ إلا في تجسيم هذا الخطأ حتى يتبدى خطيئة!

Exit mobile version