طلال سلمان

رحيل »علامة فارقة«

ليست مبالغة أن يقال إن الشيخ رشيد الخازن كان نسيج وحده، وأنه لم يكن يشبه غيره، ولم يكن غيره يشابهه، لا في السياسة ولا في مجال الأعمال، ولا خاصة في مجال الشجاعة في اتخاذ المواقف التي قد يراها غيره فاقعة أو نافرة أو في الدفاع عنها… ولو بالذراع إذا لزم الأمر!
فهذا الشيخ الخازني المتحدرة أسرته (بني غسان) من قلب الجزيرة العربية، والذي كان واحدا من حملة السيوف على باب البطريركية المارونية في بكركي، مارس السياسة بعقلية »الهاوي«، ولذلك لم يكن يتوغل في المناورة والتكتكة بل كان يعلن كل ما يفترض أنه صح، بمعزل عن مؤاتاة التوقيت أو مراعاة »الحلفاء… وغالبا ما كان يخسر بعض علاقاته الشخصية أو السياسية نتيجة صراحته »الزائدة عن اللزوم« كما كان يقول محبوه.
دائماً عليك أن تتوقع »الجديد« و»المختلف« من الشيخ رشيد: نصير الشيخ بشارة الخوري وجليسه في أيامه الأخيرة، والمعجب بكميل شمعون إلى حد الدخول في حزبه ومناصرته عندما انفض عنه الآخرون، والمقدّر لفؤاد شهاب وطنيته، والصديق الصدوق للعماد حكمت الشهابي في سوريا، والرجل الذي صحب وفداً من مئات السيارات إلى القرداحة للتعزية بالمرحوم باسل الأسد، وبلغ من تقدير العماد إميل لحود لمساندة »الشيخ« في وصوله الى الرئاسة أن عرض عليه مكتباً في القصر الجمهوري.
يعارض بصخب يصل به إلى حد إعلان ثورة الجياع،
ويتحدى السلطة التي يراها ظالمة فيحمل السلاح في وجه من هدده بأن يقتاده بالقوة للتحقيق معه في بعض مواقفه وآرائه.
مارس السياسة بعقلية »القبضاي« كما في زمن الرجال الرجال،
عارض كثيراً ووالى قليلاً، وحاول دائما أن يكون هو الشيخ، المقاول، النائب صوت جمهوره…
ولقد لعب الشيخ رشيد الخازن دوراً في التقريب بين دمشق وبين بكركي إيماناً بأن العلاقة الجيدة بينهما تؤسس لأخوة لبنانية سورية صادقة.
رحم الله الشيخ رشيد الخازن، صاحب »البيت المفتوح« لكل قاصد.
وأذكر أنه عرف أن »السفير« تستضيف وفدا من الدارسين الجامعيين العرب فاتصل وقال: لن تكون صديقي إذا لم تبلغهم دعوتي وإصراري عليهم أن يتكرموا بقبولها.
قلت: لكنهم كثيرون، إنهم حوالى الثمانين.
قال: فليكونوا ألفاً.. إن قلب كسروان يتسع لكل اخوتنا العرب.
لقد خسر لبنان »علامة فارقة« في حياته السياسية والاجتماعية.

Exit mobile version