طلال سلمان

رحيل «الفارس» عبد الرحمن الزعتري

لم تكن المعركة متكافئة، يا أبا علي… مع ذلك فقد خضتها كفارس: تصارع الداء بشجاعة، مطمئنا الأصدقاء، مستعيناً برفيقة العمر «أم علي» وابتسامتها التي تداري بها قلقها وهي تتوجه بعينيها إلى مصدر الرحمة، بينما الأصدقاء من كل لبنان يحيطونكما بمشاعرهم الحارة مع الابتهال إلى الله بأن يحفظ بيتكما الواحة وملتقى الأحبة.
لقد قاتلت بحيويتك، بحبك للناس، بشجاعتك، بصداقاتك التي تتجاوز لبنان وسوريا ومصر إلى الأردن والعراق وبعض الجزيرة والخليج.
يا ابن صيدا البار وابن البيت الذي يصلح نموذجاً لها.. لقد كنت مثل مدينتك الصامدة في وجه الإهمال والإفقار، والمضطهدة في وطنيتها وفي عروبتها، وهي عاصمة الجنوب وطليعة المقاومة المجاهدة من أجل التحرر والتحرير.
لقد كنت مع إخوانك المميزين دار ضيافة رحبة للبعيد قبل القريب، وواسطة خير بين «الأطراف» جميعا لحماية صيدا من الفتنة ولتأكيد دورها بموقعها ـ حبل السرّة مع جبل عامل وعاصمة الإقليم والشوف، وكان «العيد السنوي» في بستانكم الفسيح بالقناطر، عند مصب القاسمية، مناسبة عائلية يتلاقى فيها اللبنانيون من مختلف المناطق والتيارات ويستذكرون ان وطنهم واحد، يحيطهم الود العميق الذي يُشعرهم بأنهم في دارهم وبين أهلهم يتنقلون بين «الرئيس محمد» و«أبي علي» وحسن وسائر أفراد العائلة المضيافة، وتلفهم ابتسامة الترحيب التي يشع بها وجه «أم علي» وعلي وسائر الأبناء والأحفاد.
لقد رحلت، وصيدا كما كل لبنان بحاجة إلى أمثالك من الرجال الذين قاتلوا الطائفية والمذهبية والانعزالية فانتصروا عليها وحموا كرامة هذا الشعب الممتحن دائماً في وطنيته وفي إيمانه بأرضه.
وداعاً، يا شاغل الناس بظرفك، والعزاء لأهلك في صيدا، وأنسبائك في بنت جبيل ومشغرة، ومقدري شهامتك في كل لبنان.
طلال سلمان

Exit mobile version