طلال سلمان

رحل الكبار.. الصغار يلعبون بمستقبل الأمة!

بادرني صاحبي، وهو عند الباب، يهم بدخول مكتبي:

          ما كانت الحسناء ترفع سترها        لو أن في هذي الجموع رجالاً..

تقدم ليجلس في مواجهتي، ثم التفت يتأمل بعض الصور على الجدران قبل أن يهتف بشيء من الضجر:- ارفع هذه الصور، واتلفها.. إنها من عصر آخر، وهي تدل على تخلفك. عصرنا الجديد أميركي-إسرائيلي، وإن هو حافظ على الكوفية والعقال لباساً لرؤوس المتحدرين من عصور التعصب والتخلف والحرص على ماضيهم بينما المستقبل يفلت من أيديهم ويذهب إلى القادرين على صياغته بما يناسب طموحاتهم وأحلام أبنائهم في غدهم الأفضل.

تساءلت: وهل بتنا خارج العصر؟

قال بثقة:- جاءتكم الفرصة فأضعتموها. غلبتم مصالحكم الخاصة على حقوقكم الوطنية والقومية، فصار المستعمر القديم حليفاً لكم، بغير طلب، في مواجهة المستعمر الجديد، الأقوى والأعلم والأغنى..

صمت لحظة ثم ختم بقوله:- لم يأتِ اليكم، في محنتكم غير الرئيس الفرنسي. تعاطفت معكم الدول العربية لكن احداً من الملوك او الامراء او الرؤساء جاء بنفسه ليطمئن اليكم، والى أن مستقبلكم لن يتأثر بنكبة الحريق. دولتكم ليست لكم. الرؤساء والوزراء اضطروا إلى مرافقة بعض الكبار الذين جاءوا اليكم متضامنين .

حاولت مقاطعته فأشار بيده يسكتني، ثم قال: – استقالت الحكومة على غير رغبة من رئيسها.. قلت في نفسي: هذه فرصة لتوطيد الوحدة الوطنية. تخيلت الرؤساء السابقين أصحاب الفخامة والدولة، ومعهم أصحاب المعالي يتجمعون ويقصدون القصر الجمهوري لكي يخرجوا منه بحكومة إنقاذ وبرنامج عمل، وتصور للنفقات المطلوبة، ومن أين يمكن تأمينها..

كم من أهل المروءة من العرب، مستعد للتمويل عبر قروض لمشارع إعادة بناء ما تهدم، إضافة إلى الهبات.. ثم كم منهم هؤلاء أصحاب الألقاب المذهبة مستعد لان يباشر بنفسه جمع التبرعات من “ناهبي البلاد والعباد” لإعادة الاعمار..

ران الصمت لحظة، ثم استأنف صاحبي حديثه الوجداني فقال:

نظر اليَّ فلم يعجبه صمتي فرشقني بجملته الاخيرة:

وها أن الأمة جميعاً تتعلم.. بعدما رحل كبارها.

Exit mobile version