طلال سلمان

رجل كل الناس

رجل كل الناس
***
رحل الذي كنا نعتقد أنه لشدة دماثته ولتهذيبه البالغ ولابتعاده عما يؤذي الذات والغير، لا يمكن أن يموت، أو أن الموت سيتجنّبه ولن يعرف إليه الطريق.
رحل بطرس ديب، الذي طالما قدَّم غيره على نفسه، وعمل لغيره دائما ونسي نفسه غالبا، ولكنه ظل دائما ينتدب نفسه لمهمة مصالحة المختلفين وابتداع التسويات بين المتباعدين ومصالحة الواقع مع الحقيقة وصولاً الى تصحيح التاريخ، وهو أكثر المواضيع المختلف عليها في لبنان.
كثيرة هي المواقع التي تقلّب فيها هذا الأكاديمي العريق، في مسلكه كما في لباسه كما في تعامله مع الأساسيات، ومتعددة هي العهود التي عمل في ظلها، لكنه لم يحازب ولم يتحزّب ولم يغضب ولم يتعصب، لم ينقض الناموس بل حاول دائما إكماله.
كان شديد الاعتزاز بالحقبة السورية من عمره، وتحديدا بالفترة التي درَّس فيها لأجيال من أبناء اللاذقية، على وجه الخصوص.. وكان يسعده أن يعرّفه أصدقاؤه بأنه »الرجل الذي علّم عبد الحليم خدام« نائب الرئيس حافظ الأسد.
كذلك كان شديد الاعتداد بصلة النسب التي تجمعه مع الراحل الكبير حميد فرنجية وسائر العائلة.
رحل المزيج المتميز للسوري اللبناني، العلمي المتدين، الجامعي المؤهل لاختراق زغرتا بقدر ما هو مؤهل لارتياد المنتديات الفكرية في باريس وعواصم أخرى.
رحم الله بطرس ديب: رجل كل الناس.
ط.س

Exit mobile version