طلال سلمان

رابينيون عرب

كل ما يملكه العرب الآن هو الانتظار لمعرفة مزاج سيدهم الجديد!
يحتدم الجدل في إسرائيل عفيù، ساخنù إلى حد التفجّر، شاملاً وصريحù، فيه قدر كبير من المراجعة النقدية للماضي، وفيه قدر أكبر من الاستنفار لحماية المشاريع الطموحة لليوم والغد،
أما على المستوى العربي فلا شيء غير الغرق في صحراء الصمت والانبهار والاستعداد المسبَّق للتسليم بما يقرّر لهم!
كأن ما يناقشه »يهود اليمين« و»يهود اليسار« و»يهود التطرّف الديني«، يهود قتل الآخرين، ويهود قتل الذات، يهود الدولة، ويهود المشروع، يهود أرض الميعاد ويهود أرض ا” جميعù… كأن ذلك كله لا يعني العرب لا من بعيد ولا من قريب!
كل ما يملكه العرب هو الفضول والتساؤل عن هوية المنتصر المحتمل حتى لا يخطئ واحدهم العنوان وهو ذاهب غدù إلى التهنئة!
الكل في إسرائيل يعيد النظر في »منطلقاته النظرية« و»سياسته العملية«: الليكود الخائف الآن من أن تصيبه لعنة الدم والمندفع لتبرئة نفسه من القتل أو التحريض عليه بغير أن يتبرأ من موقفه المتصلب مع العرب ومع أسطورة السلام!
أي أنه كان وما زال مع إسقاط »الرابينية« من دون التورط في قتل إسحق رابين (جسديù)..
أما حزب العمل فقد استفاقت فيه كل الخصومات والمنافسات بين أقطابه »التاريخيين« وزعاماته الشابة، وتحت شعار: كلنا مع الرابينية طالما قد اختفى إسحق رابين،
وأما الأحزاب والتجمعات والتنظيمات الصغيرة، متطرفة ومعتدلة وبين بين، فهي مشغولة الآن بتحسين مواقعها لاشتداد الحاجة إلى أصواتها القليلة من أجل تأمين أكثرية »كبيرة« للحكومة الرابينية التي فقدت رأسها ويمكن ابتزاز »القائمقام« الرئيس وإلزامه بتطعيم »البيريزية« بما يرضي الرابينيين ويضعف الشاميريين أو الشارونيين وإجمالاً النتنياهويين سواء أكانوا متدينين أم ليبراليين أم علمانيين… ولكن يهود دائمù!!
وكل ما يملكه العرب الآن محاولة التعرّف على »حكومتهم« الجديدة بتلاوينها وأسمائها المتعددة والغريبة إلى حد »تدويخهم«!
ترتج إسرائيل، كيانù عاتيù ومشروعù استعماريù طموحù، وحركة صهيونية هائلة النفوذ ويكاد يرتج معها الكون قلقù أو خوفù أو نفاقù، وليس للعرب رأي أو موقف أو تأثير… مع أنهم هم هم الذين كبّروها، وهم هم الذين عظَّموها وجعلوها أسطورة يخاف منها زعماء الدول العظمى ويأتونها بالقلنسوة صاغرين ومتعهدين بالانضباط خلف قيادتها الاستثنائية حتى بعد سقوط القائد الفريد إسحق رابين!
كل ما يملكه العرب تبديل الثياب بما يتلائم مع المناسبة: فثياب الفدائي للتوقيع على التنازل (ولا تخلع الكوفية الثورية إلا عند التعزية بالشهيد!!)، ومراسم النسب الهاشمي لإسقاط الحق في القدس الشريف بالمسجد الأقصى فيها و»هنا صلى عمر« إضافة إلى درب الآلام والجلجلة وكنيسة القيامة!
هل كل ما يملكه العرب أن يمشوا في الجنازة… جنازة مستقبلهم؟
ألا يدركون أن اليهود، بمختلف تلاوينهم السياسية، لا يناقشون أو يعيدون الآن مناقشة مستقبلهم (وحدهم) بعد رابين، وإنما أيضù مستقبل العرب في أرضهم؟!
وهل أذهل اليتم العرب، بعد رابين، إلى هذا الحد؟!
وهل كان إسحق رابين زعيمهم الأول الأخير؟!
ومِمَّ يشكو شمعون بيريز؟!

Exit mobile version