طلال سلمان

رئيس فرنسي لعلاج لبنان .. من قادته!

أما وأن الرئيس الفرنسي لديه فائض من الوقت، فليس أجمل من لبنان لممارسة التذاكي السياسي والظهور بمظهر المخلص للوطن الصغير الذي جعلته فرنسا دولة بناء لرغبة البطريرك الحويك وبالحدود التي طلبها بل فرضها حين لم يكن أمام فرنسا سوى أن تنفذ!

ولقد جاء الرئيس الفرنسي مرة، أعقبتها ثانية خلال أقل من شهر، لكي يستدرك ما فاته: فقام بزيارة لسيدة الغناء في لبنان التي لا تُعَّرف إلا باسمها فيروز في بيتها، ثم أكمل المهمة بلقاء وارثة الصوت المنشي والذوق الرفيع ماجده الرومي.

قصف وطرب. خراب ومتعة، ثرثرة فارغة تسمى سياسة وتذوق واستمتاع بالصوت الرخيم والموسيقى المنشية، وهكذا تتجاوز آثار فاجعة التدمير والموت بالمصادفة لتهتف:

Vive la France Vive Le Liban .

..ولأن الدمار يذكر بالدمار فلا بد من زيارة عراق ما بعد صدام حسين: قابلت في لبنان ممثلي الطوائف فأكمل جميلك بالتعرف على العناصر المكونة أو القوميات الثانية في البلد الذي كان الخليفة فيه هارون الرشيد حين خاطب الغيوم التي عبرت سماء بغداد: أمطري حيث شئتِ.. فان خراجك عائد اليّ!

في المطار سيستقبلك رئيس الجمهورية الكردي، وفي سراي الحكم سيصافحك رئيس الحكومة الشيعي ليعرفك إلى حكومته المختلطة التي تضم مختلف مكونات النسيج العربي: عرب وكرد، شيعة وسنة وروم وصابئة وسريان وأزيديون (أو عبدة الشيطان) كما يسميهم العامة في حين أنهم يقولون إن إله الخير لن يؤذينا لذلك نتجه بالصلاة إلى من تفترضون أنه إله الشر لتجنب أذيته.

حسنا، ها قد أثمر إلحاح الرئيس الفرنسي فتمت تسمية السفير اللبناني في ألمانيا المتزوج من فرنسية والذي شغل من قبل مدير مكتب الرئيس نجيب ميقاتي، مصطفى أديب مرشحاً لرئاسة حكومة الانقاذ ورفع الدولة من بين ركام حريق المرفأ وصورة الدولة.

وها هو رئيس الحكومة العتيد يحاول التعرف إلى أسرار لعبة الحكم متنقلاً بين دهاة السياسة ومروضي الشعب بالوعود الكاذبة، فيستمع إلى وقائع متناقضة والى أحكام متصادمة لينتهي الجميع إلى التعهد بمساعدته على الغرق.. ولا منقذ!

هي حيلة معروفة: حين ينتبه أهل الحكم إلى أن الناس قد ملوا وجوههم وأكاذيبهم وسرقاتهم وتنصلهم من المسؤولية عن الهدر والفساد وبؤس الشعب وغرقه في فقره، فإنهم يلجأون إلى تمرير مرحلة انتقالية بحكومة من المجهولين، ولو إلى حين، ثم يعودون إلى استكمال ما كانوا فيه والذين سيستمرون في ممارسته حتى قيام الساعة..

وأهلاً بالرئيس الفرنسي زائراً دائماً لمواجهة مشكلات يعجز أهل الحكم عن حلها.. حتى لا تأكلهم البطالة!

ولقد أعلن كبار القادة الدائمين عن استعدادهم لاستضافة الرئيس الفرنسي حتى نهاية ولايته في بلاده ليكون المفوض السامي الجديد للبنان المستقل.. بسيادته الكاملة، والاجر على “الوحدة والأخوة والمساواة”.

Exit mobile version