طلال سلمان

رئيس الوزراء اليمني في حوار مع”السفير”:العلاقات الأقتصادية مع السعودية لن تعود ألى سابق عهدها اليمن يسير للأحسن والأجراءات ستوقف الأنهيار(صورة)

صنعاء طلال سلمان
استبعد رئيس الوزراء اليمني عبد العزيز عبد الغني في حوار مع »السفير« أن تعود العلاقات بين اليمن والسعودية على الصعيد الاقتصادي الى سابق عهدها، على الرغم من وجود احتمالات بتحسن هذه العلاقات، وأبدى تفاؤله بقدرة حكومته على وقف الانهيار الاقتصادي، مبديا حرصه في الوقت نفسه على ألا تؤدي الإجراءات الحكومية الى نقمة شعبية.
واعترف بارتفاع نسبة البطالة الى درجة مخيفة لأسباب أبرزها تبدل الاجراءات السعودية بشأن العمالة اليمنية بعد حرب الخليج، والتي أدت الى عودة حوالى مليون عامل يمني من السعودية. وسلّم في الوقت نفسه بمحدودية قدرة الحكومة على إعادة النظر في هيكلية القطاع العام، مشيرا الى وجود حوالى المليون موظف وعامل وعسكري في هذا القطاع!
واعتبر عبد الغني ان »اليمن يسير الى الأحسن«، لكنه قال »الظروف صعبة إلا أن الاجراءات التي اتخذناها ستوقف الانهيار، وهي جزء من برنامج إصلاح اقتصادي، كان يفترض أن يبدأ في العام 1991. حرب الخليج أثّرت وعاد مليون مغترب خسرنا تحويلاتهم… عندنا زيادات سكانية مرتفعة السكان الآن حوالى 16 مليونا الهجرة كانت تستوعب الفائض« (في الأيدي العاملة).
واتهم رئيس الوزراء اليمني الحزب الاشتراكي بأنه كان »يجهض المحاولات للمعالجة الاقتصادية منذ العام 1991«. وقال »قعدنا سنتين من دون موازنة (العامين 1992 و1993). العجز زاد، وهذا يؤثر على التعاملات المالية وسعر العملة… فما زال الرقم مخيفاً؛ الدولار يساوي 120 ريالا يمنيا«. وتابع يقول »حين تتخذ إجراءات (للاصلاح) يتغيّر سعر العملة من دون أسباب اقتصادية.. والمؤكد أنها سياسية«!
وتطرق الى البعد السعودي في المسألة الاقتصادية اليمنية، فقال إن »لقاءاتنا مع السعوديين قائمة، وبعد تشكيل اللجان يمكن أن تتحسن العلاقات السياسية والاقتصادية، لكن لا نتوقع عودة الأمور الى ما كانت عليه في السابق، ولا نتوقع عودة مليون مغترب الى السعودية، لأن عاملين من جنسيات أخرى حلوا محل العمالة اليمنية… إلا إذا وجدت أسباب سياسية تجعلهم يعطون الأولوية مجددا لليمنيين«.
وردا على سؤال بشأن إجراء عملية إنعاش للعلاقات اليمنية السعودية في المجال الاقتصادي، قال عبد الغني »إذا طُبِّقت الاتفاقات… نحن نراهن على الاجراءات لإيقاف التدهور حتى يمكن الوصول للاصلاح الشامل.. كان اليمني لا يحتاج إلى تأشيرة دخول، إذا كانت مهنته في جواز السفر (عامل)، بحسب الامتيازات المنصوص عليها في اتفاق الطائف«.
وعن موقف التجمع اليمني للإصلاح من الخطط الاقتصادية الحالية قال رئيس الوزراء اليمني »في البداية كان هناك اتفاق (بين الاصلاح والمؤتمر الشعبي العام).. وعند التفاصيل اختلفنا، لكن الحمد “، نجحنا في النهاية، واتفق الشريكان (في الائتلاف الحاكم).. كان لا بد من هذا للحصول على تأييد شعبي شامل، لم نكن نريد موافقتهم فقط، ولكن حماستهم.. فالإجراءات بسيطة وتتناول مسائل مثل النفط والغاز، والدعم للقمح والدقيق ما زال موجودا«.
وتشير التقارير الحكومية الى ان الدعم الحكومي لمنتجات القمح يصل الى ثلاثمئة مليون دولار سنويا.
يقول عبد الغني »نعم، لو رفعنا الدعم عن القمح فيمكن أن تحل المشكلة الاقتصادية. كان الدعم قبل الوحدة يتم بالتسوية، حيث ندعم سلعة من قيمة سلعة أخرى.. بعد الوحدة دخلنا في الدعم المباشر«.
هل دخلت مافيا على الخط؟ يجيب رئيس الوزراء اليمني »نعم. والفارق كبير بين سعر السوق والسعر المدعوم.. ثمن كيس القمح 200 ريال (وتمثل الحاجة اليومية للأسرة الواحدة) وتوازي تكلفة القات ليوم واحد لشخص لا يستهلك القات بكثرة. هناك أسر بحاجة الى السعر المتدني لكن الغالبية تستطيع تحمل رفع السعر ومضاعفته مرتين«.
ماذا لو وفّروا من قيمة القات لتغطية الزيادة في سعر القمح؟ مشكلة القات كبيرة، لأن المنتجين كثيرون ويصعب ضبطهم.. لو أخذنا ضرائب مرتفعة على القات، يمكن ألا نحتاج إلى ضرائب أخرى.
وردا على سؤال بشأن »شروط المصرف وصندوق النقد الدوليين التي تتعارض عادة مع الظروف الشعبية«، قال عبد الغني »نحن أجرينا مشاورات وحوارات معهما… وقد أخذا دروسا من التجارب السابقة، ورأيا أن نعتمد برنامجا وطنيا، وأظهرا حرصا على ألا يظهر اسميهما (في هذا البرنامج)، ووافقا على عدم اعتماد البرنامج دفعة واحدة حتى لا يطبّق بالقوة وعلى حساب المواطن وتحدث ردود فعل سلبية.. لهذا عملنا حساب ردود الفعل.. قررنا زيادة غلاء معيشة ابتداء من خمسين في المئة للدرجات الدنيا وعشرين في المئة للعليا.. هذا بالنسبة للموظفين«.
وتابع يقول »بالنسبة لتنشيط الاقتصاد، رصدنا مليارا واحدا للمصرف الزراعي ومليارا للمصرف الصناعي ومليارا لمصرف الإسكان ونصف مليار لإيجاد فرص عمل إضافية… البطالة يصعب حسابها لأن معظم العمال المياومين يعملون فترة ثم يعودون الى الريف للزراعة.. لكن نسبة البطالة للقوى العاملة المسجلة ثلاثين في المائة«.
وتطرق الحوار مع رئيس الوزراء اليمني إلى مسألة إعادة النظر في هيكلية القطاع العام، فقال »لدينا في حدود تسعمئة وثمانين ألف موظف في القطاعين المدني والعسكري وفي المؤسسات العامة، ويستحيل إنسانيا وسياسيا تسريح بعضهم، لكن إنعاش الاقتصاد سيخلق فرص عمل في القطاع الخاص. والتقاعد صعب في غياب السجل المدني لأن الموظفين القدامى يزوِّرون أعمارهم«.
وكان الرئيس اليمني علي عبد ا” صالح قد أعلن مؤخرا عن تسريح حوالى خمسين ألف عسكري »في إطار خطة الاصلاح الاقتصادي«.
وحول الكلام الكثير عن الفساد وانتشاره، قال عبد الغني »أحيانا يستخدم الفساد في الدعاية السياسية، استخدمه الحزب الاشتراكي ضد الرئيس والمؤتمر الشعبي. والكلام عن الفساد سيستمر طالما وجدت حكومة ووُجد موظفون… إذ ليس الموظف »كويس« أو بنى منزلا أو اشترى سيارة يقال إنه نهب الشعب، أما العاملون في القطاع الخاص لا يواجهون بمثل هذه الحساسية«.
وردا على سؤال بشأن ما يتردد عن ارتفاع نسبة التجار في الحكومة، قال عبد الغني »في مجلس الوزراء الحالي لا يوجد تجار. نحن متهمون من خطباء المساجد بأننا مع التجار في رفع الأسعار.. بعض الناس يقولون إن الوزراء مساهمون في بيوت المال ومشاركون لرجال أعمال. هذا الكلام غير واقعي، لا يمكن أن يأتي وزير ويقول لست تاجرا. نحن الآن في صدد إيجاد قانون لإبراء الذمة المالية قبل وبعد شغل الوظيفة بالنسبة لكبار المسؤولين والعاملين في المال العام.. وهذا سيؤكد البراءة أمام الناس«.
وتابع يقول »الرئيس ألقى أمس خطابا في الحديدة.. وأكد أن المفسدين ورموز الفساد سيحالون الى القضاء. الملفات موجودة لدى جهاز الرقابة«.

Exit mobile version