طلال سلمان

ذكرى.محمد أمهز:المغتال مرتين

لا وقت بعد الموت.
ما الفرق بين ان تقول: قبل سنة مات فلان، او قبل سنتين؟!
الموت يلغي الزمن أيضا. يسحب الناس من الزمن، ويسحب بالمقابل الزمن من الناس، ويلغيهما ليبقى هو الحقيقة الواحدة والوحيدة.
… وفي زمن ما، قبل زمن ما، جاءنا خبر اغتيال محمد أمهز، أشبه بذلك الصوت الذي يرافق إنطلاق رصاصة من مسدس كاتم للصوت!
ومع الاغتيال الأول كان ثمة »أمر ما« باغتيال ثان… وهكذا رحل الكاتب، الشاعر، الأستاذ، الخطيب، المعلق والدارس المجتهد محمد أمهز بأقل قدر ممكن من الضجة، وظلت الأسباب »مجهولة« وكذلك أسماء الجناة.
ليست حادثة عارضة ان يصل، بشكل طبيعي، واحد من أبناء نبحا، قضاء بعلبك، إلى جامعات فرنسا ليكمل فيها دراساته العليا، وان يعود أعظم إيمانا بعروبته وبإسلامه، وأبلغ فصاحة في عربيته الممتازة، وأكثر نشاطا وحيوية، وهو يدعو الى المواجهة الحضارية والى تعزيز النضال بالعلم، والى الصدق في محاسبة النفس قبل محاسبة الآخرين.
بين الحين والحين، كان محمد أمهز يقتحم علينا مكاتبنا في »السفير«، ثائراً ممتلئاً بالحنق لان الغرور او التفرد او المكابرة او الغباء او كل ذلك معا تسبب في خسارتنا أحد المواقع.
.. او قد يجيئنا وهو يقفز فرحا كطفل لأننا حققنا »عليهم« نقطة.
ثم اختفى محمد أمهز وقيل انه أسقط في جب خارج حلبة الصراع الأصلي، وحتى لا يظل محمد أمهز أسير الصمت المفروض ويضيع أثره بعد جهده، فقد تلاقى مجموعة من أصدقائه وأصدروا بعض كتاباته وبعض ما قالوه فيه بكتاب يحمل عنوان »شاهد وشهيد«.
هنا واحدة من الشهادات كتبها أحد أعز أصدقاء الراحل وأحد أقرب رفاقه إلى نفسه: أكرم طليس..
ط.س.

Exit mobile version