طلال سلمان

ديناميت على مقاطعة مقاطعين

ليس الديناميت بين وسائل التعبير الديموقراطي عن الموقف الوطني.
ولا تحتاج مقاطعة إسرائيل، وبضائع الشركات والتروستات الأميركية التي توفر لها الدعم المفتوح (والعلني) إلى المتفجرات لتكون فعالة ولها قوة الإقناع المرجوة…
وفي العديد من الأقطار العربية تمكنت المقاطعة الشعبية، الصادرة عن إرادة حرة والمعبّرة عن موقف سياسي ناضج، من التسبب ب»إقفال سلمي« لمؤسسات وشركات أميركية مشبوهة أو مدموغة بالتعامل مع إسرائيل، سواء بتقديم التبرعات أو بإقامة فروع ناشطة وذات دور مؤثر في إنعاش اقتصاد العدو الإسرائيلي، من دون الاضطرار إلى الديناميت وتفجير المحلات التجارية.
المقاطعة، من حيث المبدأ، تعبير حضاري عن موقف سياسي صلب، وبالتالي هو لا يحتاج إلى العنف ليؤكد »تحضّره« ولا خاصة ليؤكد صلابته.
ثم إن المقاطعة، كسلاح إرادي فعال، أعظم أثراً بما لا يقاس من »فتيشة« قد تؤذي بعض المواطنين في حياتهم أو في مصادر رزقهم، ولكنها بالتأكيد لا تلحق أذى مؤثراً بالتروستات والشركات الكبرى الأخطبوطية الأذرع والسرطانية التمدد في معظم أرجاء الكون.
لا أحد يمكنه إجبار المستهلك على إنفاق ماله على ما لا يحتاج إليه فعلاً أو ما لا يرغب فيه حقيقة.
لذلك تلجأ الشركات المنتجة إلى الغواية بالإعلان الذي يتوسل المغريات جميعاً، وأهمها جسد المرأة، أو رغبات الطفل، لكي »تستدرج« المستهلكين إلى إنفاق بعض مالهم على ما لا يحتاجون إليه فعلاً، ولكنهم لا يستطيعون التخلص من سحر إغرائه.
إن نسف هذا المطعم أو ذاك، وتفجير محل تجاري هنا أو هناك، وكل ما شابه من أعمال العنف تؤدي إلى رد فعل عكسي، وبين أخطر نتائجها أنها تسفّه المنطق الوطني للمقاطعة وتدين القائلين به إذ تصوّرهم كمشاغبين أو مخربين أو مهددين للسلامة العامة، وفي كل الحالات تفضح عجزهم عن الإقناع (إن كانوا مخلصين)، والدور التخريبي للناسفين إن كانوا مشبوهين سواء بالمصلحة الشخصية أو بسوء القصد، والمتمسحين بشعار المقاطعة لإخفاء هويتهم وأغراضهم.
إن مثل هذه الأعمال التخريبية، بغض النظر عن النوايا، إنما تقتل مبدأ المقاطعة وتصيب بالضرر البالغ منطقها الوطني الأصلي والقائلين بها.

Exit mobile version