طلال سلمان

ديموقراطية ضيفا على برلمان

كشفت الجلسة الرمزية لمجلس النواب، أمس، كم أن الديموقراطية ضيف ثقيل على النظام الطوائفي في لبنان، بحيث أنه إذا ما اعتمدها فعلاً أو عبّر عنها بجدية سقط… وكان لسقوطه دوي عظيم!
إنه نظام معاد بتكوينه للديموقراطية!
دخل النواب، أمس، وقد تواطأوا قبل دخولهم المجلس على تمرير انتخاب اللجان كالعادة، أي بالتوافق المسبق على قاعدة من التوازنات الطائفية الصريحة، أي ب التزكية الحاجبة للخلافات.. والديموقراطية معاً.
ظلت الأزمة التي تعصف بالوطن الصغير خارج المبنى ذي القبة التاريخية الدالة على طرازه الهجين… فالأزمة أكبر وأخطر من أن تتسع لها قاعته المجدّدة التي طالما رددت جنباتها خطباً ذات رنين عن الديموقراطية والدستور والمساواة والعدالة الاجتماعية..
وشرط بقاء المبنى ذي القبة أن تستبقى الأزمة خارجه… وهذا ما فرض تحييده حتى لا يسقط تحت ضغط الأزمة المتفجرة بطبيعتها، والتي تكاد تذهب بالوطن الصغير جميعاً، فكيف بمبنى أو شارع أو حي أو حتى مدينة؟!
الأزمة تحتل البلاد كلها بالقلق على المصير. وهي قد اتسعت لدول عديدة، بينها البعيد جداً والقريب جداً، وبينها الصراعات المفتوحة على تقاسم النفوذ (من خارج الديموقراطية طبعاً)… وبالتالي فقد تعقدت بأكثر من قدرة الساحر المحلي على حلها، خصوصاً وأن أحداً لم يفوّضه.. ديموقراطياً!
لا حل للأزمة بالديموقراطية في نظام يقوم على قواعد نافية للديموقراطية. وما تهديد أكثرية الصوت الواحد لأقلية الصوت الواحد إلا دليل على أن المضمر غير ديموقراطي . فكل صوت هنا يختزل تحالفاً طوائفياً، والطوائف تحتوي دولاً!! والتحالف الدولي لا يمكن أن يقوم على أساس ديموقراطي أو أن يستمر بقوة دفع الديموقراطية.
الديموقراطية قناع للتدخل الخارجي كما للتواطؤ الطوائفي.
من هنا فالأزمة كونية الأبعاد بحيث يضيق بها لبنان.. ولكل طائفة منها نصيب، في حين يتم طرد الديموقراطية بعيداً حتى لا تفسد اللعبة وتشوّش على التسوية العتيدة، التي لا بد أن تنجز في الخارج بعواصمه العديدة، والتي بات لكل منها من الطوائف اللبنانية نصيب!
فقط عندما يصل الحل التسوية إلى لبنان يهتف الجميع ويهللون للديموقراطية، وينتعش المبنى ذو القبة باستقبال ضيفه العزيز: الديموقراطية الممثلة للطوائف (والدول) بالتساوي الذي يفرضه منطقها الكوني، وهو بالضرورة ديموقراطي!

Exit mobile version